أمل
الأمل هو شعور عاطفي يتفاءل به الإنسان ويرجو فيه نتائج إيجابية لحوادث الدهر أو تقلباته، حتى وإن كانت تلك النتائج الإيجابية صعبة أو مستحيلة الحدوث. الأمل أو الرجاء مصطلح مشترك بين معظم الديانات والثقافات.[1][2][3] والمعاني المشابهة: الأمل والتفاؤل وحسن الظن، ولكن لكل مصطلح دلالة خاصة. معنى الأمل
الرجاء لغةالرّجاء مصدر قولهم رجوت فلانا أرجوه وهو مأخوذ من مادّة (ر ج و) الّتي تدلّ على الأمل الّذي هو نقيض اليأس، ممدود. يقال رجوت فلانا رجوا ورجاء ورجاوة. ويقال ما أتيتك إلّا رجاوة الخير، وترجّيته، ترجية بمعنى رجوته. لكن هناك فرق بين الأمل والرجاء، فالرجاء انفعال متوازن، يجمع بين الحذر والتفاؤل، ويجمع بين التمني والعمل. أما الأمل: فهو انفعال يغلب فيه التفاؤل. الرجاء اصطلاحاعلى المعنى الأول: قال ابن القيّم- رحمه اللّه-: الرّجاء هو النّظر إلى سعة رحمة اللّه. وقيل: هو الاستبشار بجود وفضل الرّبّ تبارك وتعالى والارتياح لمطالعة كرمه. وقيل: هو الثّقة بجود الرّبّ تعالى. قال ابن القيم: الرّجاء هو عبوديّة، وتعلّق باللّه من حيث اسمه: البرّ المحسن، وقال: لولا روح الرّجاء لما تحرّكت الجوارح بالطّاعة. ولولا ريحه الطّيّبة لما جرت سفن الأعمال في بحر الإرادات. "2" قال الحافظ ابن حجر- رحمه اللّه-: المقصود من الرّجاء أنّ من وقع منه تقصير فليحسن ظنّه باللّه ويرجو أن يمحو عنه ذنبه، وكذا من وقع منه طاعة يرجو قبولها، وأمّا من انهمك على المعصية راجيا عدم المؤاخذة بغير ندم ولا إقلاع فهذا في غرور. وما أحسن قول أبي عثمان الجيزيّ: من علامة السّعادة أن تطيع، وتخاف أن لا تقبل، ومن علامة الشّقاء أن تعصي، وترجو أن تنجو «3». وعلى المعنى الثاني للرجاء: تأمّل الخير وقرب وقوعه، وفي الرّسالة القشيريّة:الرّجاء تعليق القلب بمحبوب في المستقبل. وقال الرّاغب: الرّجاء ظنّ يقتضي حصول ما فيه مسرّة. وقال المناويّ: الرّجاء ترقّب الانتفاع بما تقدّم له سبب ما «1». الفرق بين الرجاء والتمني: أنّ التّمنّي يصاحبه الكسل، أما الرجاء فهو مع البذل والعمل. الفرق بين طول الأمل والرجاءالرجاء: تعلق القلب بمحصول محبوب في المستقبل.[4] والفرق بينه وبين الطمع والرجاء: أن الأمل أكثر ما يكون فيما يستبعد حصوله، والطمع لا يكون إلا فيما قرب حصوله، أما الرجاء: فهو بين الأمل والطمع، فإن الراجي قد يخاف ألا يحصل مأموله، ولهذا يستعمل بمعنى الخوف، ومنه قول الله تعالى: {مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لآتٍ} [سورة العنكبوت، آية: 5] أي: يخافه.[5] الرجاء في القرآن الكريم
الأحاديث في رجاء عفو الله ومغفرتهعن أنس- رضي اللّه عنه- أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم دخل على شابّ وهو في الموت فقال: «كيف تجدك؟». قال: واللّه يا رسول اللّه إنّي أرجو اللّه وإنّي أخاف ذنوبي، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلّا أعطاه اللّه ما يرجو وآمنه ممّا يخاف»)* «7». (عن أنس بن مالك- رضي اللّه عنه- قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «قال اللّه: يابن آدم إنّك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السّماء ثمّ استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يابن آدم إنّك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثمّ لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة»)* «8». ومن كلام العلماء في النوع الأول من الرجاء(قال الشّافعيّ- رحمه اللّه- في مرض موته: فلمّا قسا قلبي وضاقت مذاهبي... جعلت الرّجا منّي لعفوك سلّما تعاظمني ذنبي فلمّا قرنته... بعفوك ربّي كان عفوك أعظما) «9». (قال سفيان- رحمه اللّه-: «من أذنب ذنبا فعلم أنّ اللّه تعالى قدّره عليه، ورجا غفرانه، غفر اللّه له ذنبه»)* «10». (قال أبو عمران السّلميّ منشدا: وإنّي لآتي الذّنب أعرف قدره... وأعلم أنّ اللّه يعفو ويغفر لئن عظّم النّاس الذّنوب فإنّها... وإن عظمت في رحمة اللّه تصغر) «11». الرجاء في التراث المسيحيالرجاء في الكتاب المقدَّس هو في عودة المسيح إلى الأرض (المجيء الثاني للمسيح)؛ حيث سيأتي ويحقق العدل ويحكم على الأرض بالحق، ممجدًا الله وناصرًا المظلوم. إذ سيقيم المسيح حينها الموتى، المؤمنين منهم إلى حياة أبديَّة والخطاة إلى دينونة نار أبديَّة. فيقول الكتاب المقدَّس في تيطس 2: «منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا يسوع المسيح». ويحوي الكتاب المقدس على حوالي 1518 نبوءة عن المجيئ الثاني للمسيح الرَّب على لسان الأنبياء والموحى لهم على مدى التاريخ. ومن الأسماء التي تطلق على ذلك اليوم، أشهرها: «يوم الرَّب» كما جاء في إشعياء 13: «هوذا يوم الرب قادم قاسيا بسخط وحمو غضب ليجعل الأرض خرابا ويبيد منها خطاتها». فهو يوم دينونة الله على الشَّر الذي في الأرض، أمَّا اللذين يضعون إيمانهم في المسيح الذي مات مصلوبًا وقام فلهم الحياة الأبديَّة. أنواع الرجاءوهناك نوعان من الرجاء: رجاء سلبي، وهو يقتصر على الطلب والتمني؛ ورجاء عامل، ويتضمن التفكير والتخطيط، والتفكير يكون غالبا في اتجاه عكس التيار الفكري العام، ومختلفا عن طريقة تفكير الآخرين. -مثلا: لنتخيل وجود ثلاثة معتقلين محكوم عليهم بالسجن مدى الحياة، الأول فقد رجاءه، فأصيب باليأس والإحباط ولم يحتمل عدة سنوات ومات، والثاني، كان لديه إيمان ولكنه لم يفعل شيء وبقي يدعو ويصلي كي يخرج من السجن، ولكنه لم يخرج بل استطاع أن يحتمل الحياة في السجن بقوة الرجاء، أما الثالث، فكان لديه رجاء قوي وايمان بأنه سوف يخرج من السجن، ففكر وخطط للهروب من السجن، ورغم الصعاب التي قابلته إلا أنه استطاع بعزيمته التغلب عليها والهرب أثره
الرجاء عند الرومان والإغريق-وقد اعتبر الرومان والإغريق الرجاء الها يقدسونه، فقد سماه الإغريق بالإله Elpis، وتقول الأسطورة الاغريقية أن Elpis كان موجودا في صندوق باندورا (الصندوق الذي عندما فتحته باندورا ملأ الشر الأرض) لذلك أخرجت باندورا كل الشرور وأبقت على Elpis فأصاب اليأس والإحباط كل البشر، فعادت باندورا مرة أخرى الي الصندوق لتخرج Elpis فخرج ضعيفا بطيئا، إلا أنه أزداد قوة وتأثير وأصبح أشد من باقي الشرور. -وقد سمي الرومان الرجاء الالهة Spes، واعتبروها آخر الالهة Ultima Dea، مما يعني أن الرجاء هو الملاذ الأخير الذي يحتاجه الإنسان. وفي الفن الروماني، تصور الالهة Spes وهي تمسك بيدها الخير والزهور، رمزا للجمال والوفرة معا. مضار طول الأملقال السمرقندي: من طال أمله عاقبه الله تعالى بأربعة أشياء، أولها: أن يتكاسل عن الطاعات، والثاني: أن يكثر همومه في الدنيا، والثالث: أن يصير حريصا على جمع المال، والرابع: أن يقسو قلبه، لأنه يقال قسوة القلب من أربعة أشياء: أولها: بطن ممتلئ، والثاني: صحبة صاحب السوء، والثالث: نسيان الذنوب الماضية، والرابع: طول الأمل.[6] فمن مضار طول الأمل: (1) نسيان الآخرة وما أعدّ الله فيها من النّعيم المقيم لأهل طاعته ومن العذاب الأليم لأهل المعاصي. (2) قلّة الصّبر عن الشّهوات، وشدّة الغفلة عن الطّاعات. (3) طول الأمل يجلب السّعادة الظّاهرة في الدّنيا ويسقي صاحبه كؤوسا مترعة من اللّذّة الفانية. (4) يقسي القلب ويجفّ دمع العين، ويزيد في شدّة الحرص على الدّنيا. (5) يدفع إلى المعاصي، ويبعد عن الطّاعات. (6) به يتعدّى على الآخرين فيسلب الحقوق، وينتهك الحرمات.[7] علاج طول الأملذكر أبو حامد الغزالي أن طول الأمل له سببان: الجهل، وحب الدنيا، ثم ذكر أن علاج طول الأمل هو التخلص من هاتين الآفتين، فقال في بيان ذلك: أما الجهل فيدفع بالفكر الصافي من القلب الحاضر، وبسماع الحكمة البالغة من القلوب الطاهرة. وأما حب الدنيا فالعلاج في إخراجه من القلب شديد، وهو الداء العضال الذي أعيا الأولين والآخرين علاجه، ولا علاج له إلا الإيمان باليوم الآخر وبما فيه من عظيم العقاب وجزيل الثواب، ومهما حصل له اليقين بذلك ارتحل عن قلبه حب الدنيا؛ فإن حب الخطير هو الذي يمحو عن القلب حب الحقير، فإذا رأى حقارة الدنيا ونفاسة الآخرة استنكف أن يلتفت إلى الدنيا كلها وإن أعطى ملك الأرض من المشرق إلى المغرب، وكيف وليس عنده من الدنيا إلا قدر يسير مكدر منغص؟ فكيف يفرح بها أو يترسخ في القلب حبها مع الإيمان بالآخرة؟ ولا علاج في تقدير الموت في القلب مثل النظر إلى من مات من الأقران والأشكال، وأنهم كيف جاءهم الموت في وقت لم يحتسبوا.[8] الرجاء في كتابات علم النفس الغربيفي عام 2006 قام أحد علماء النفس الدكتور (Anthony Scioli) بوضع نظرية تسمي بعناصر الرجاء Hope، حيث يرى أن الرجاء عبارة عن أربعة عناصر مترابطة ومتكاملة هي : (الترابط Attachment، السيادة Mastery، البقاء Survival، والروحانية Spirituality). المراجع
|