تشكلت الكنيسة في القرون الأولى، من خلال المريميين الذين كانوا يؤدون شعائرهم الدينية سرًا، وفي عهد الإمبراطور قسطنطين الأول اعترفت الإمبراطورية البيزنطية لرعاياها بحرية العبادة، وعندها أظهر المريميون معبدهم الصغير إلى العلن وكرسوه لمريم العذراء، وبقيت كنيسة السيدة مريم في الخدمة حتى تاريخ وصول الجيوش الإسلامية لمدينة دمشق.
بعد الفتح الإسلامي
عندما وصلت الجيوش الإسلامية لمدينة دمشق قاموا بمحاصرتها وتم فتح المدينة على يد خالد بن الوليد حربًا وعلى يد أبي عبيدة بن الجرّاح صلحًا وهكذا خضعت المنطقة التي تم فتحها حربًا لسيطرة الدولة الإسلامية وتم استملاك الكثير من المباني بينما بقيت المنطقة التي تم فتحها صلحًا لسيطرة أصحابها.
ومن المباني التي تم استملاكها كانت الكنيسة المريمية التي تم إغلاقها حتى العام 706م مما أدى إلى إهمالها وتخربها، وفي عام 706م قام الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك بإعادتها إلى الأرثوذكسيين مقابل أخذه لكاتدرائية يوحنا المعمدان (النبي يحيى) والتي حولها فيما بعد إلى الجامع الأموي حيث قال لهم: "إننا نعوض عليكم عن كنيسة يحيى بكنيسة مريم"، بعد عودة الكنسية للأرثوذكسيين قاموا بتجديد أسقفيتهم مجددًا وجعلوها بجانب كنيسة مريم التي أعيد بناءها والاهتمام بها في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز.
تعرضت الكنيسة بعد عهد عمر للكثير من الحرائق والأعمال التخريبية والتدميرية:
1. في عام 926م وذلك في عهد الخليفة العباسي المقتدر بالله، دُمرت الكنيسة بفعل البعض وأمر الخليفة بإعادة ترميمها.
3. في عام 1009م أُحرقت بأمر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، وفي عهد والي دمشق ختكين التركي أُعيد بناء الأسقفية المريمية والكنيسة وقامت الأهالي بتجميلها وتزينها حتى غدت من المعالم الدمشقية البهية حيث قال فيها الرحالة العربي ابن جبير بعد أن زارها عام 1184م "في داخل البلد كنيسة لها عند الروم شأن عظيم تعرف بكنيسة مريم ليس بعد كنيسة بيت المقدس عندهم أفضل منها، وهي جميلة البناء تتضمن من التصاوير أمرًا عجيبًا يبهر الأفكار ويستوقف الأبصار، ومرآها عجيب"
4. في عام 1260م وبعد خروج التتار من دمشق بقيادة هولاكو الذي كان اعتقاده الديني:الأرواحية تم تخريب الكنيسة من قبل البعض انتقاما من هولاكو وتعاطفاً مع نصارى دمشق، أُعيد ترميم الأسقفية والكنيسة على يد الأرثوذكسيين ولكنها لم تعد إلى جمالها السابق بسبب الأوضاع المالية الصعبة التي مرت بها رعية الكنيسة، وفي عام 1342م انتقل مركز الكرسي البطريركي الأنطاكي إلى الكنيسة المريمية وأصبحت مقرًا بطريركيا
5. في عام 1404م هاجم التتار مدينة دمشق وقاموا بتدمير الكنيسة وهدم رواقها الغربي وسرقة ما فيها من ذخائر وكنوز كَنَسِّيَة، وبعد خروج التتار أعاد البطريرك ميخائيل الثالث بناء الكنيسة وتزينها
6. في عام 1759م تعرضت المنطقة إلى هزة أرضية عنيفة جدا أدت إلى تصدع جدران الكنيسة، بقيت الكنيسة على حالها حتى وصول البطريرك الأنطاكي دانيال (1767م - 1791م) والذي استأذن والي دمشق محمد باشا العظم بهدمها وإعادة بنائها وكان ذلك في عام 1777م.
7. في عام 1860م شهدت دمشق فتنة طائفية أدت إلى دمار الكنيسة والمقر البطريركي، بقيت الكنيسـة مخربة لمدة ثلاث سـنوات حتى وصول البطريرك الأنطاكي إيروثيوس (1850م - 1885م) والذي قام بإعادة بنائها بأموال قامت الحكومة بتقديمها له بالإضافة إلى أموال وصلت إليه من المعتمد البطريركي الأنطاكي في موسكو الأرشمندريت غفرائيل شاتيلا، حيث قام إيروثيوس بضم الكنائس الأخرى المهدمة والتي كانت بجوار الكنيسة وأعاد بناء الكنسية وأضاف إليها الحدائق والأروقة والفسح الخارجية لتصبح من أكبر وأجمل كنائس دمشق، أما في زمن البطريرك إسبريدون (1891م - 1898م) فتم بناء قبة الجرس في الكنيسة
8. في عام 1953م عانت الكنيسة من تصدع في سقفها فقام البطريرك ألكسندروس الثالث بتجديده وإعادة النقوش إليه بأموال تم تقديمها من الحكومة السورية ومن مؤسسات الرعية الأرثوذكسية.
وإلى اليوم يتم العمل على تجميل وتحسين وتجديد الكنيسة من أموال التبرعات المقدمة إليها.
وصف الكنيسة
طراز الكنيسة بيزنطي وهي تتسع إلى ستمائة شخص وتقام فيها الشعائر الدينية المختلفة، يتوسط القاعة وعلى الجانبين منبران من الحجر لكل منهما سلما ملتويا كانتا تستخدمان لقراءة الإنجيل، وفيها على الجانبين اثنتان مما يسمى بالبيما وهو مكان وقوف الجوقة أي الكورال الذي يردد الصلوات والتراتيل الدينية خلف الكاهن والذي يقوم بالغناء الكورالي في الاحتفالات الدينية، أما في واجهة الكنيسة فتوجد المنصة الحمراء والتي يقف عليها الكهنة لتأدية الصلوات وخلف الواجهة المنصة الحمراء يوجد المذبح والغرف المخصصة للطقوس الدينية، يجاور المنصة عن اليمين واليسار مقاعد حمراء مخصصة للضيوف وأهل الميت فيما إذا كانت هناك مراسم جنائزية مقامة وللكنيسة طابق علوي كان يستخدم سابقا كمكان لصلاة النساء، سقف الكنيسة خشبي وهو يعتبر لوحة فنية لما فيه من نقوض وزخارف، أما جدران الكنيسة فتملؤها اللوحات الفنية والأيقونات المختلفة أهمها أيقونة المسكوبية، وللكنيسة فناء أمامي وآخر جانبي فيه البرج الجرسي للكنيسة.
أقسام الكاتدرائية
كنيسة السيدة مريم
وهي الكنيسة الرئيسية التي يعود تاريخ بنائها الأول إلى عهد أرخاديوس قيصر أواخر القرن الرابع الميلادي وفيها تقام الشعائر الدينية المختلفة.
وهي كنيسة تم ضمها أيضا للكنيسة المريمية إبان الترميم، يوجد فيها متحف للألبسة والأوسمة والأيقونات المتوارثة من البطاركة والرهبان.
أقسام أخرى
ساحة كنيسة القديسين كبريانوس ويوستينا وكنيسة القديس نيقولاوس هما كنيستان تم ضمهما إلى الكنيسة المريمة إبان أعمال الترميم والتجديد بعد ما لحق بهما من دمار وتخريب.
الأقبية وهي متواجدة تحت بناء الكنيسة.
البرج الجرسي أو قبة الجرس وتم بناءها في زمن البطريرك إسبريدون (1891م - 1898م)