فخر الدين قباوة (1933-) لغوي وكاتب ومحقق سوري، عرف عنه غزارة إنتاجه اللغوي، ومحاربته للغة العامية وعولمة اللغة، وإحياء الاستشهاد بالحديث النبوي في اللغة والنحو.
حياته
ولد فخر الدين بن نجيب بن عمر قباوة في مدينة حلبالسورية سنة 1933،[1][2] لأسرة عامِّيَّة، وأتم الدراسة الابتدائية بها. ثم عمل بمقهى والده حتى توفي والده فعمل بصناعة النسيج والأحذية[1]، وتابع بعدها دراسته المتوسطة والثانوية بالنظام الليلي حيث كان يعمل نهارًا[2]، والتحق بدار المعلمين، فنال أهلية التعليم الابتدائية[1]، عمل بعد ذلك سنة 1954م بالتدريس في المدارس الابتدائية[1] ثم التحق بكلية الآداب من جامعة دمشق، حيث تأهل بتخرجه منها للتعليم الثانوي سنة 1959م، وابتُعث بعدها للدراسة في القاهرة حيث نال شهادتي الماجستير والدكتوراة في الأدب القديم.[1] تنقل بعدها في التدريس بالجامعات بين جامعة حلبوجامعة تشرينوجامعة محمد بن عبد الله بمدينة فاسالمغربية، وجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية فرع القصيمبالسعودية،[1] وأشرف على كثير من رسائل الماجستير والدكتوراة، وناقش عددًا منها. أُحيل إلى التقاعد في 2005م[1]، وتفرغ بعدها للعمل في التأليف والتحقيق.
ذكر عن نفسه أنه أخرج عشرين كتابًا إلى المطابع خلال سنتين من تقاعده.[1]
انتخب عضوًا في بعض المجامع العلمية في البلاد العربية.[1]
ملامح من منهجه العلمي
توظيف الحديث النبوي في الدراسات النحوية
كتب في 1985 مقالة «افتحوا الأبواب لأفصح من نطق بالضاد» ومشى على هذا المنهج في أبحاثه، مع توجيه الطلاب إلى موضوعات نحوية مادتها النصوص النبوية الشريفة.[1]
عروبة اللسان سنة مؤكدة
وقد حقق في أبحاثه أن عروبة اللسان سُنّة مؤكّدة، ورأى أن هذا يوجب التعليم باللغة العربية الفصيحة، ودعا إلى توظيفها في التعليم والإعلام والإعلان والوعظ والإرشاد.[1]
ومن ذلك قوله في بحثه «الهوية القومية وعروبة اللسان»: «لا بد من تجنب مثل هذه الدسائس الدخيلات في مجالس العلم والإعلام العربية، أو لتوجيه الحوار المعرفي فيها، إذا أردنا الحفاظ على الهوية القومية وعروبة اللسان بحق، والتصدي لغارات العولمة الثقافية وما تجره من تهديم وتلويث للألسنة والعقائد والمفاهيم والقيم والمثل»[2]
وقوله: «تعلم اللغة العربية سنة مؤكدة وعلى العرب والمسلمين أن يتقنوها ويستخدموها في حياتهم العامة دون غيرها»[3]
الطريقة المثلى لتعليم اللغة العربية
قال: «الطريقة المثلى أن نرجع إلى القرآن الكريم ونعلم الأطفال قراءة القرآن أو حفظ القرآن، فكثرة ممارسة القراءة للقرآن الكريم والتبصر بسور الآيات تطبع في نفوس الصغار اللغة العربية الصحيحة الفصيحة بألفاظها وصياغتها وتراكيبها ومعانيها، ثم ينتقل الطالب إلى دراسة الأحرف الهجائية، ثم ينتقل إلى التركيب في الكلمة والجمع، هذا هو أسلوب المسلمين منذ ألف وأربعمائة سنة، قراءة القرآن، ثم البدء بالأحرف وبالمفردات ثم بالجمل، وكانت تنشر كتب، في عهدي، هكذا كتاب «ألف باء». أما الآن ففي المدارس العربية يبدؤون بالجملة والتركيب من دون أن يحفظوا شيئًا من القرآن الكريم في الدول العربية وفي مصر، وعندنا الطفل لا يعرف اللغة العربية ثم تدخل عليه الإنجليزية والفرنسية فتخربان عليه اللفظ والصيغة والكلام، وهذا مقصود به تخريب العربية، فإذا أردنا الإصلاح الحقيقي لا بد من أن نستبعد اللغات الأجنبية حتى مرحلة الثانوية، ثم يجب أن تكون اختيارية بمعنى أن يختار الطالب ماذا يريد أن يدرس في المستقبل فربما عمله المستقبلي يتطلب اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو الألمانية، يختار في المدرسة في الصف العاشر ما يريد وكذلك في الجامعة، أما في الدراسات العليا فليس هناك دراسات لغوية أجنبية، بل المشرف على الطالب يوجهه إلى اللغة الأجنبية التي يحتاج إليها في بحثه، فيجب عليه إتقانها ومتابعة ذلك، وأذكر أن النبي ﷺ عندما طلب من الصحابة تعلم لغة غير العربية كان واحد أو اثنين من الصحابة، يكفي، ولو طلب من الجميع تعلم اللغات الأعجمية لضاع الإسلام والعربية، وقد تعلم الصحابة اللغة الأعجمية في شهر»[3]
طريق النجاة
قال حين سُئل عنه: «أن نعود إلى القرآن الكريم وأصول الدين الإسلامي، وننفذ هذا فعلا في حياتنا بما يناسب العصر الحاضر بفقه إسلامي واعٍ يستوعب الواقع ويضع الحلول العصرية الإسلامية، ثم أن يكون في أمتنا علماء في جميع الموضوعات المعاصرة فيهم كفاية لحاجات الأمة، وفقد شيء من هذا يجعلنا آثمين جميعا أمام الله يوم القيامة كل حسب قدرته واستطاعته، فالمسئولون عن العلم جريمتهم كبرى إذا لم يحققوا هذا، والأغنياء القادرون على التمويل أيضا عليهم مسئولية والأمهات والآباء والأساتذة عليهم مسئولية وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته».[3]
شعره
قصيدة خاطب بها سنة 1956 الفلسطينية المفجوعة باليتم والترمل والثكل والتشرد وفيها:[1]
هذا السِّلاحُ ، فعانِقِيـ
ـهِ ، يَرُد تَسكابَ الدُّرَرْ
وتَنَظّرِي، لِلثّأرِ، يَو
ماً، لَيسَ يُخلِفُهُ القَدَرْ
يَوماً، نَرُدُّ الكَيدَ فِيـ
ـهِ، عَلَى شَياطِينِ البشَرْ
بِدِمائِنا، لا بالدُّمُو
عِ وبالدِّما نَيلُ الوَطَرْ
وذكر عن نفسه أنه كان له شِعر وافر مدون، ضاعت آثاره مع الأيام.[1]
قالوا عنه
قال د.بكري شيخ أمين: «واليوم والدكتور فخر الدين يقف على العتبة الأولى من سلم التقاعد، ويدفع دفعًا إلى الراحة والإخلاد إلى النوم، ولما يعطِ كل ما لديه من علوم، ولا افرغ كل ما في جعبته من جواهر»[2]
قال سعد الدين إبراهيم مصطفى: «العلامة قباوة يعدُّ أعظم محقق أنجبته مدينة حلب في النحو واللغة والأدب والعروض والتفسير، ويعدُّ أول من أوجد الإعراب الصرفي في الوطن العربي»[4]
تطور مشكلة الفصاحة والتحليل البلاغي وموسيقى الشعر، دار الفكر بدمشق 1999م.[1][2]
النهج الإسلامي للتعليم العالي، دار السلام - القاهرة.[7]
النظرية الإسلامية في نشوء اللغات وتطورها، دار السلام - القاهرة.[7]
أبحاث عليا معاصرة في كتب التفاسير، دار السلام - القاهرة.[7]
إعراب كتاب رياض الصالحين، مكتبة لبنان.
تحقيقاته
تحقيق «تفسير الجلالين»، أنجزه خلال عشرين سنة كما ذكر عن نفسه، فأخرج منه طبعتين:
طبعة ميسرة لعامة القراء، يقتصر على التحقيق وإلحاق الشرح وأسباب النزول، وتوثيق الأخبار وتقويم الإسرائيليات والأحاديث الضعيفة. طبعت في مكتبة لبنان ببيروت 1424هـ.[1]
طبعة مفصلة، «بزيادات فيها تتبع القراءات والمسائل اللغوية والنحوية والصرفية والتاريخية والبلاغية، وتعقب ما ندَّ عن الجلالين من سهو، في النقل والتلفيق بين الأقوال والاختيار لما هو ضعيف، وتفصيل إعراب مفردات الآيات والجمل وأشباه الجمل والمصادر المؤولة، مع تحليل صرفي للمفردات وبيان لمعاني الأدوات».[1]
وهو يعد هذين الكتابين أنفس ما أنتجه في حياته العلمية، ويأمل أن يكون فيهما خدمة لكتاب الله الكريم، وحظوة تيسر له الرحمة والرضا من الله، عز وجل.[1]
إصلاح المنطق، لابن السكيت، مكتبة لبنان ببيروت 1427هـ.[1]
الإيضاح في شرح سقط الزند وضوئه، الخطيب التبريزي، 2 مجلد، دار القلم بحلب 2000م.[1][2]
الجمل في النحو للخليل بن أحمد، ترجم إلى الإنجليزية.[1]