معركة الدلم
معركة الدلم هي معركة حدثت في 27 يناير 1903 بين قوات إمارة ال نواف بقيادة عبد الله بن فيصل بن نواف ال نواف وبين قوات إمارة نجد بقيادة عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود، في سبيل تأسيس المملكة العربية السعودية، وانتهت بانتصار ابن سعود و سيطرته على حواضر و بلدات جنوب نجد. نظرة تاريخيةلم يُحدِث احتلال ابن سعود للرياض أمرًا جديدًا في السياسة الدولية؛ أي بين الدولة العثمانية العلية والحكومة البريطانية. فظلَّت الأولى مذبذبة مراوغة، واستمرت الثانية مراقبةً ومن وراء الستار حاكمةً بأمرها ، أما شيخ الكويت مبارك الصباح فقد كان خبر احتلال ابن سعود للرياض بردًا وسلامًا على قلبه، ولم يكن عكس ذلك ظاهرًا في ابن الرشيد ، فقد سمع الخبر غير مكترثٍ به وضرب له الأمثال فقال: أرنبة محجرة وأهلها مقيمون؛ أي إنه يستطيع أي يومٍ شاء أن يُخرِج ابن سعود من الرياض؛ لذلك لم يتزحزح من الحفر فأقام هناك أربعة أشهر يفاوض العثمانيين في بغداد وهو يعلِّل النفس باحتلال الكويت ، وكان العثمانيون يرحِّبون برسله وهداياه، ويَعِدُونه بالمساعدة ويتقاعسون ، أنت تذكر أن الحملة التي أرسلوها مرة على الشيخ مبارك ظلَّت ستة أشهر في الطريق من بغداد إلى الزبير. وقد أشرت إلى أسباب ذلك. ناهيك بأنه لم يكن للدولة العثمانية آنئذٍ في عبدالعزيز ابن الرشيد الغرض الذي ولدتْه الحوادث فيما بعد، بل كانت أميلَ إلى مبارك الصباح وهو على البحر منها إلى أمير في داخل البلاد العربية ، ولكنَّ مباركًا والَى الإنكليز، ودعاهم إلى بلاده، فاستحق لذلك إهمال الدولة بل نقمتها. وبما أنها كانت عاجزة عن إظهار تلك النقمة في مظهر من القوة يليق بعظمتها، فقد اكتفت بأن تُظهِر ولاءَها لابن الرشيد، وتأذن له بأن يفاوضَها في محاربة ابن الصباح. وقيل إن الحكومة البريطانية كانت تضغط عليها لتمنعها من مساعدة ابن الرشيد مساعدةً حربية. ولا غروَ، فالسبب في ذلك — السبب المعروف — هو أنها بعد أن استقرت في الكويت، وتعاهدت وابن الصباح، أصبحت حاميةً لبلاده ، الشيخ المبارك المسعد! قد حماه الإنكليز من البحر، وحماه ابنُ سعود الشاب من البر. كيف لا وهو يشغل عنه عدوَّه ابن الرشيد. «ولدي عبد العزيز تولاك الله وعافاك وقوَّاك، وجعل النصر دائمًا أخاك! جزء من رسالة أرسلها مبارك يهنِّئ ابن سعود بإحتلال الرياض ويبارك له.[1]» قبل المعركةأرسل عبد العزيز آل سعود إشاعة مفادها أنه أختلف مع والده وخرج من الرياض وأن والده قد أخذ الأمان لأهل الرياض من ابن رشيد، فوصلت الإشاعة لمسامع ابن رشيد الذي صدّقها وتحرك يحث الخطى متجهًا إلى الرياض بجيش يربو على 4,000 مقاتل، ولكنه عندما وصل إلى بنبان علم بحقيقة الأمر وأن عبد العزيز قد حصن الرياض قبل خروجه بـ 1,000 مقاتل للدفاع عن المدينة وأنه رحل إلى الدلم في الجنوب ومعه القليل من الرجال، فتابع السير خلفه. أحداث المعركةكان ابن سعود قد جهز الرياض لاحتمال مهاجمتها من ناحية الشمال، ففي هذه الحالة ستصمد الرياض لأنه قام بتأمينها مما يؤدي إلى تكسر هجمات الخصم وبالتالي يتم فقد جيشه لعنصر الحركة فيتولى عبد العزيز مهمة الهجوم ومبادأة الجيش الغازي. وفي حالة القدوم من الجنوب : فسوف يتجه ابن رشيد إلى الخرج والجنوب تاركًا الرياض وفي هذه الحالة تطول خطوط مواصلته وتتعرض للقطع فيواجه ابن رشيد أزمات في المؤن والعتاد نتيجة للإستراتيجية العسكرية التي وضعها عبد العزيز، وفعلًا أخذ ابن رشيد فيما توقعه ابن سعود فقد اتجه ابن رشيد إلى الخرج. فلجأ عبد العزيز إلى المناورة والتحرك السريع في كل الإتجاهات فنجح في إنهاك جيش ابن رشيد مما أوقع ابن رشيد في أزمات على جميع الأصعدة مما أنهك قواة وبالتالي أنزل به هزيمة في السليمة فرحل ابن رشيد لعدم قدرته لمواجهة الهجمات التي كان يقوم بها عبد العزيز إلى الشمال، هذا الانتصار حفز عبد العزيز آل سعود إلى توسيع إستراتيجيته وهي الانتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم وقد أخذ هذه الإستراتيجية بعد أزمة العلاقات بين ابن رشيد وأمير الكويت التي أدت بابن رشيد لمحاصرة الكويت، فاستنجد الشيخ مبارك الصباح بالملك عبد العزيز فسار إليه على رأس جيش كبير ولكنهما لم يلتحما مع ابن رشيد الذي لجأ إلى المناورة والزحف على الرياض التي صمدت لهجومه. وفي هذه الأثناء كان عبد العزيز آل سعود قد استطاع جمع جيشة وهم أهل الحوطة وأهل الحلوة وأهل الفرعة وهم من بني تميم بالانضمام إليه، فآلتحق منهم أكثر من 800 مقاتل ليصبح جيشه نحو 1,500 مقاتل وكان من قادوا المعركة مع الملك عبد العزيز ثلاث فرسان وهم علي بن خريّف أمير الحلوة، وأبو شيبة أمير الحوطة، ووجعان الراس أمير الفرعة، وعند وصول ابن رشيد إلى الدلم التي كانت تحت امرة الأمير عبدالله آل ناصر الحقباني آنذاك، زحف إليه عبد العزيز آل سعود برجاله ليلًا ودخل البلد، وفي الصباح تقصى عبد العزيز آل سعود أخبار ابن رشيد فعلم أنه يخرج صباح كل يوم مع بعض رجاله إلى بساتين النخيل الواقعة خارج البلد، ففكر الملك في أن يستخدم أسلوب المفاجأة فهجم عليهم في وقت الظهيرة مما أدى إلى إرباك صفوفهم واختلال نظامهم، واستمر القتال إلى غروب الشمس. وفي صباح اليوم التالي انسحبت قوات عبد العزيز بن متعب بن عبد الله الرشيد إلى السلمية فلحق بهم عبد العزيز آل سعود بعد أن جاءه المدد والذخيرة التي أرسل في طلبها ليصل عدد من معه إلى 2,000 مقاتل، ودارت المعركة بينهم ثانية في السلمية في ربيع الأول سنة 1320هـ الموافق حزيران ( يونيو ) 1902م ، وقد حصل بينهم قتال شديد انهزم على أثره ابن رشيد. بعد المعركةهزم ابن رشيد وإنسحب عائدًا إلى حفر الباطن، أما عبد العزيز آل سعود فعاد إلى الرياض بعد أن ثبتت سيادته على الخرج والدلم والنواحي الجنوبية لنجد. مراجع
|