مجازر البولنديين في فولينيا وغاليسيا الشرقية (بالبولندية: rzeź wołyńska) (بالأوكرانية: Волинська трагедія)، نفذها جيش التمرد الأوكراني في بولندا المحتلة، بدعم متكرر من السكان الأوكرانيين المحليين ضد الأقلية البولندية في فولينيا وغاليسيا الشرقية، وأجزاء من بوليسيا ومنطقة لوبلين بين عامي 1943 و1945 م.[1] بلغت المجازر ذروتها في يوليو وأغسطس من عام 1943م. وكان معظم الضحايا من النساء والأطفال.[2] أسفرت إجراءات جيش التمرد الأوكراني عن مقتل 40- 60 ألف بولندي في فولينيا و30- 40 ألف بولندي في غاليسيا الشرقية،[3] ليكون العدد الإجمالي للوفيات نحو 100 ألف قتيل.[4][5]
كان التطهير العرقي محاولةً أوكرانيةً لمنع دولة بولندا ما بعد الحرب من تأكيد سيادتها على المناطق ذات الأغلبية الأوكرانية التي كانت جزءًا من الدولة البولندية قبل الحرب، وفقًا لتيموثي سنايدر. في حين كتب هنريك كومينسكي وشتشيبان سيكييركا عن عمليات القتل بأنها ارتبطت بشكل مباشر بسياسات فصيل ستيبان بانديرا التابع لتنظيم القوميين الأوكرانيين (OUN-B) وذراعه العسكري، جيش التمرد الأوكراني، الذي تمثل هدفه كما هو محدد في المؤتمر الثاني للتنظيم في 17-23 فبراير 1943 (مارس 1943 في بعض المصادر) في تطهير جميع غير الأوكرانيين من الدولة الأوكرانية المستقبلية.[6] لم يقتصر نشاط جيش التمرد الأوكراني على تطهير المدنيين البولنديين، إذ أرادوا أيضًا محو كل آثار الوجود البولندي في المناطق التي كانت تحت سيطرتهم. أيد العديد من رجال الدين الأرثوذكس الأوكرانيين، الداعمين لقضية جيش التمرد الأوكراني القومية، للعنف الحاصل. أدت المجازر إلى صراع أوسع بين القوات البولندية والأوكرانية في الأراضي الألمانية المحتلة، مع رد الجيش البولندي الرئيسي المتمركز في فولينيا[7] على الهجمات الأوكرانية.[8][9]
في عام 2008، وصف المعهد البولندي للذكرى الوطنية المجازر التي ارتكبها القوميون الأوكرانيون ضد البولنديين في فولينيا وجاليسيا بأنها تحمل الخصائص المميزة للإبادة الجماعية،[10][11] وأصدر البرلمان البولندي في 22 يوليو 2016 قرارًا يعترف بالمجازر على أنها إبادة جماعية.[12][13] ما يزال هذا التصنيف موضع جدل بين الأوكرانينن والمؤرخين غير البولنديين.[14]
خلفية
فترة ما بين الحربين في الجمهورية البولندية الثانية
كانت فولينيا جزءًا من الجمهورية البولندية الثانية قبل الغزو السوفيتي لبولندا عام 1939، ووفقًا للمؤرخ تيموثي سنايدر، فقد كانت فولينيا بين عامي 1928 و1938 «مركزًا لواحدة من أكثر سياسات التسامح طموحًا في أوروبا الشرقية».[15] أراد يوزف بيوسودسكي وحلفاؤه تحقيق الولاء الأوكراني للدولة البولندية وتقليل التأثيرات السوفيتية في المنطقة الحدودية، من خلال دعم الثقافة الأوكرانية والاستقلال الديني وإضفاء الطابع الأوكراني على الكنيسة الأرثوذكسية. جرى التخلي عن هذا النهج تدريجيًا بعد وفاة بيوسودسكي في عام 1935، كنتيجة لزيادة القومية الراديكالية الأوكرانية.[15][16]
تأسس تنظيم القوميين الأوكرانيين في فيينابالنمسا في عام 1929، بعد اتحاد المنظمات القومية الراديكالية واليمينية المتطرفة، بما في ذلك اتحاد الفاشيين الأوكرانيين.[17] بدأ التنظيم حملةً إرهابيةً في بولندا، والتي تضمنت اغتيال سياسيين بولنديين بارزين، مثل وزير الداخلية برونيسلاف بييراكي، والمعتدلين البولنديين والأوكرانيين، مثل تاديوس هولوكو.[بحاجة لمصدر]
أدت الحملة الإرهابية والاضطرابات المدنية في ريف غاليسيا إلى قيام الشرطة البولندية بفرض سياسة المسؤولية الجماعية على الأوكرانيين المحليين في محاولة لـ «تهدئة» المنطقة، بالإضافة إلى هدم المراكز والمكتبات المجتمعية الأوكرانية، ومصادرة الممتلكات والمنتجات، وضرب المتظاهرين.[18] وُضع البرلمانيون الأوكرانيون قيد الإقامة الجبرية لمنعهم من المشاركة في الانتخابات، مع ترويع ناخبيهم ودفعهم إلى التصويت للمرشحين البولنديين. استحوذت محنة أوكرانيا والاحتجاجات ومحاولة التهدئة على اهتمام عصبة الأمم باعتبارها «قضية رأي عام»، حيث أدان السياسيون الأوروبيون بولندا. أدت السياسات المستمرة لبولندا إلى تعميق الانقسامات العرقية في المنطقة.[18]
تصاعد الصراع العنيف في فولينيا، حيث تحاربت الشرطة البولندية مع الشيوعيين الأوكرانيين الغربيين المدعومين من العديد من الفلاحين الأوكرانيين غير الراضين. نظم الشيوعيون العديد من الإضرابات، وقتلوا ما لا يقل عن 31 من مخبري الشرطة المشتبه بهم بين عامي 1935 و1936، وبدؤوا في اغتيال المسؤولين الأوكرانيين المحليين «لتعاونهم» مع الدولة البولندية، في حين نفذت الشرطة اعتقالات جماعية، وأفادت بمقتل 18 شيوعيًا في عام 1935، كما قُتل ما لا يقل عن 31 شخصًا في معارك بالأسلحة النارية وخلال الاعتقالات على مدار عام 1936.[19]
بدأت الحكومة البولندية في فولينيا حملةً نشطةً لاستخدام الدين كأداة للاستقطاب وتحويل السكان الأرثوذكس إلى الرومانية الكاثوليكية منذ عام 1937.[20] ودُمرت أكثر من 190 كنيسة أرثوذكسية في حين تحولت 150 منها إلى كنيسة رومانية كاثوليكية.[21] أُجبرت الكنائس الأرثوذكسية المتبقية على استخدام اللغة البولندية في خطبهم. جرى تحويل آخر كنيسة أرثوذكسية متبقية في العاصمة فولهيني لوتسك إلى كنيسة رومانية كاثوليكية بمرسوم من الحكومة البولندية في أغسطس من عام 1939.[20]
تشجع الآلاف من المستعمرين البولنديين وقدامى المحاربين على الاستقرار في ريف فولينيان وغاليسيا بين عامي 1921 و1938، إضافةً إلى السكان الحضريين البولنديين واليهود والألمان والأرمن في كلا المنطقتين والذين يعود وجودهم في تلك الأراضي إلى القرن الرابع عشر. شُيدت المستوطنات الجديدة في مناطق تفتقر إلى البنية التحتية، مثل المباني والطرق وشبكات السكك الحديدية، وقد وصل عددهم إلى 17700 مستعمر في فولينيا في 3500 مستوطنة جديدة بحلول عام 1939، على الرغم من الصعوبات الكبيرة التي واجهوها.[22] ووفقًا للإحصاء البولندي لعام 1931، تحدث 52٪ من السكان باللغة الأوكرانية في حين تحدث 40٪ منهم البولندبة و7٪ اليديشية في شرق غاليسيا. أما في فولينيا، فقد تحدث 68٪ من السكان باللغة الأوكرانية، في حين تحدث 17٪ البولندية، و10% اليديشية، و2٪ الألمانية، و2٪ التشيكية، و1٪ الروسية. أجج الوجود الإضافي الجديد للمستعمرين المزيد من مشاعر الأوكرانيين المحليين المعادية لبولندا.[23][24]
^Timothy Snyder. "A Fascist Hero in Democratic Kiev". The New York Review of Books. NYR Daily. مؤرشف من الأصل في 2020-11-19. Bandera aimed to make of Ukraine a one-party fascist dictatorship without national minorities.... UPA partisans murdered tens of thousands of Poles, most of them women and children. Some Jews who had taken shelter with Polish families were also killed.
^Snyder، Timothy (1999). ""To Resolve the Ukrainian Problem Once and for All": The Ethnic Cleansing of Ukrainians in Poland, 1943–1947". Journal of Cold War Studies. ج. 1 ع. 2: 86–120. DOI:10.1162/15203979952559531. S2CID:57564179. The crucial matter, however, was the basic disagreement between Ukrainians and Poles over the legitimate control of particular territories, sharpened by the Poles' uncompromising belief in their continuing right to lands populated by Ukrainians and their fear of making concessions in time of war.
^Ahonen، Pertti (2008). Peoples on the Move: Population Transfers and Ethnic Cleansing Policies During World War II and Its Aftermath. Bloomsbury Academic. ص. 99.
^Henryk Komański and Szczepan Siekierka, Ludobójstwo dokonane przez nacjonalistów ukraińskich na Polakach w województwie tarnopolskim w latach 1939–1946 (2006) 2 volumes, 1182 pages, at pg. 203
^Piotr Zając, "Prześladowania ludności narodowości polskiej na terenie Wołynia w latach 1939–1945 – ocena karnoprawna zdarzeń w oparciu o ustalenia śledztwa OKŚZpNP w Lublinie" [in:] Zbrodnie przeszłości. Opracowania i materiały prokuratorów IPN, t. 2: Ludobójstwo, red. Radosław Ignatiew, Antoni Kura, Warszawa 2008, p.34-49. Quote="W świetle przedstawionych wyżej ustaleń nie ulega wątpliwości, że zbrodnie, których dopuszczono się wobec ludności narodowości polskiej, noszą charakter niepodlegających przedawnieniu zbrodni ludobójstwa."
^McBride، Jared (2016). "Peasants into Perpetrators: The OUN-UPA and the Ethnic Cleansing of Volhynia, 1943–1944". Slavic Review. ج. 75 ع. 3: 630–654. DOI:10.5612/slavicreview.75.3.0630.
^ ابTimothy Snyder. (2003)The Causes of Ukrainian-Polish Ethnic Cleansing 1943, The Past and Present Society: Oxford University Press. p. 202
^Timothy Snyder. (2005). Sketches from a Secret War: A Polish Artist's Mission to Liberate Soviet Ukraine. New Haven: Yale University Press. pp. 32–33, 152–162
^ ابSubtelny، Orest (2000). Ukraine, A History. University of Toronto Press. ص. 430. مؤرشف من الأصل في 2020-06-14.
^The police also reported wounding 20 communists in 1935 and in one case wounding at least seven people while being attacked by a large group armed with sickles and clubs. The communists retaliated against those who failed to participate in strikes. From: Timothy Snyder (2007). Sketches from a Secret War: A Polish Artist's Mission to Liberate Soviet Ukraine. مطبعة جامعة ييل. pp. 137, 142.
^ ابTimothy Snyder. (2005). Sketches from a Secret War: A Polish Artist's Mission to Liberate Soviet Ukraine. New Haven: Yale University Press. pp.167
^Subtelny, Orest. (1988). Ukraine: A History. Toronto: University of Toronto Press, pg. 432.
^Lidia Głowacka, Andrzej Czesław Żak, Osadnictwo wojskowe na Wolyniu w latach 1921–1939 w swietle dokumentów centralnego archiwum wojskowegoنسخة محفوظة 2014-08-15 على موقع واي باك مشين. (Military Settlers in Volhynia in the years 1921–1939), PDF, pp. 143 (4 / 25 in PDF), 153 (14 / 25 in PDF). "Mimo ogromnych trudności, kryzysu gospodarczego na początku lat 30. i złożonej sytuacji politycznej na tym terenie, osadnicy zdołali zagospodarować znaczne obszary ziemi i stworzyć od podstaw wiele osad z nowoczesną –jak na owe czasy –infrastrukturą. W 1939 r. na Wołyniu mieszkało około 17,7 tys. osadników wojskowych i cywilnych w ponad 3,500 osad."
^Subtelny, O. (1988). Ukraine: a History. Toronto: University of Toronto Press, pg. 429. (ردمك 0-8020-5808-6)
^A. Rudling. Theory and Practice. Historical representation of the wartime accounts of the activities of OUN-UPA (Organization of Ukrainian Nationalists-Ukrainian Insurgent Army). East European Jewish Affairs. Vol. 36. No.2. December 2006. pp. 163–179.