نظرية المؤامرة في العالم العربينظريات المؤامرة من السمات السائدة عند العرب حيث تتجلى بوضوح في ثقافتهم وسياساتهم خاصة موضوع معاداة الصهيونية في العالم العربي. يقول الأستاذ ماثيو «أن نظرية المؤامرة عبارة عن "ظاهرة شائعة وشعبية، فالإيمان بنظريات المؤامرة هي ظاهرة مهمة لفهم السياسة العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ...»[1] بالنسبة للعرب؛ فنظريات المؤامرة تتحدث بشكل كبير عن الاستعمار الصهيوني، القوى الخارقة، النفط، الحرب على الإرهاب والتي يعتبرها الكثير حربا ضد الإسلام في المقام الأول. ويقول الكاتب والمحلل روجر كوهين «أن نظريات المؤامرة في العالم العربي هي ملجأ الضعفاء في نهاية المطاف.»[2] أما آل مومن فقد أشار لخطورة مثل هذه النظريات قائلا: «نظرية المؤامرة لا تُبعدنا عن الحقيقة فقط بل تُبعدنا من مواجهة أخطائنا ومشاكلنا ...»[3] ساهم العدوان الثلاثي الفرنسي-الإسرائيلي-البريطاني عام 1956 على مصر _التي كانت حينذاك أبرز دولة عربية_ في تشجيع نظرية المؤامرة وخلق تصورات ومضاربات أخرى حول هذه النظرية.[4] بعد حرب 1967، أصبحت نظريات المؤامرة تحظى بشعبية داخل الأوساط العربية؛ فالحرب كان يُنظر إليها على أنها مؤامرة من قبل إسرائيل والولايات المتحدة—أو نقيضه: مؤامرة من الاتحاد السوفياتي لضم مصر إلى النفوذ الشيوعي.[5] يُؤكد توماس فريدمان أن نظريات المؤامرت تعززت إبان الحرب الأهلية اللبنانية؛ حيث يُؤكد: «كانت [نظرية المؤامرة] عادة غير قابل للتصديق ... فالإسرائيليون السوريين، الأميركيين، السوفييت، أو حتى هنري كيسنجر لم يكن يصدق هذه النظريات باستثناء اللبنانيون الذين يروا أن هناك مؤامرة كان الهدف من ورائها تعطيل لبنان.»[6] المؤامرات الصهيونيةتعرَّضت رابطة مكافحة التشهير (منظمة يهودية غير حكومية) لمجموعة من الهجمات وكُتب في حقها الكثير من المقالات التي تُؤكد على أن الرابطة تهدف للقيام بمؤامرات خطيرة ونشر السموم؛ فمثلا في يناير من عام 1995 نشرت جريدة الأهرام مقالا ذكرت فيه أن الرابطة خبيثة وتُحاول التفرقة بين العرب في حين ذكرت جريدة الشعب أن الرابطة تقوم بنشر الإيدز وفرية الدم. كل هذا كان يُؤدي بشكل مباشر إلى استنتاج أن هناك مؤامرة دولية ضد الإسلام حسب مقالة جريدة الأهرام المنشورة في آذار/مارس 1995. من السائد أيضا لدى الكثير من شعوب الدول العرببة أن الهولوكوست (محرقة اليهود) مجرد كذبة واهية وأسطورة لا غير حسب ما نُشر في ديسمبر 1995 وفبراير 1996 في جريدة الوقائع المصرية.[7] مصدقي نظريات المؤامرة في الدول العربية يُحملون اليهود مسؤولية قتل الرئيسين الأمريكيين أبراهام لينكولن وجون كينيدي مما تسبب في قيام كل من الثورة الفرنسية والثورة الروسية، لذلك فالعرب يعتبرون الصهاينة خطرا على العالم.[8] ازدادت شعبية نظرية المؤامرة بعد هجمات 11 أيلول/سبتمبر حيث أُلقي اللوم فيها على إسرائيل وبشكل أدق الموساد.[9][10][11] بروتوكولات حكماء صهيون هي وثيقة عُثر عليها تدعي أن لليهود خطة للسيطرة على العالم، وقد لاقت هذه الوثيقة هو رواجا كبيرا في العالم الإسلامي والعربي.[12][13][14] امتدت نظريات المؤامرة في العالم العربي لتشمل قائد وزعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) أبو بكر البغدادي الذي قيل إنه في الواقع عميل إسرائيلي لدى الموساد واسمه الحقيقي سيمون إليوت حيث كان يعمل في وقت سابق كممثل ووكيل قبل أن تدس به إسرائيل في العراق وسوريا. ازدادت هذه التكهنات عقب رواج شائعات تدعي أن الوثائق المسربة من وكالة الأمن القومي والتي نشرها إدوارد سنودن في وقت لاحق تكشف عن كل هذه الحقائق.[15][16][17] نظريات المؤامرة حول الحيواناتهناك مجموعة من نظريات المؤامرة السائدة في الدول العربية والتي تتعلق وترتبط بالحيوانات التي تعتمد عليها إسرائيل، حيث أن هناك من يزعم أن هذه الأخيرة تقوم بتسخير بعض الحيوانات من أجل مهاجمة المدنيين (خاصة الفلسطينيين منهم) أو حتى من أجل التجسس. هذه العلامات والرسائل _حسب مؤيديها_ هي أدلة على المشروع الكبير للصهاينة واليهود. جذير بالذكر وقوع هجمات لأسماك القرش في شرم الشيخ عام 2010، كما قبضت المملكة العربية السعودية عام 2011 على نسر أسمر يحمل جهاز تجسس أو تعقب من صنع إسرائيلي.[18][19][20] وكان جيل يارون قد كتب في تورونتو ستار قائلا: «إن العديد من الحيوانات بلا شك تخدم في الجيش الإسرائيلي؛ فمثلا الكلاب تقوم بشم المخدرات والتفتيش عن القنابل في حين تقوم الألبكة بمساعدة الجبليين على حمل الأثقال ... ولكن حكايات من قبيل استخدام أسماك القرش، الطيور أو القوارض أو حتى الحشرات في الخدمة العسكرية أمر خيالي ومن الصعب تحقيقه على أرض الواقع.»[21] المؤامرات الأمريكيةبعد الانتخابات الرئاسية المصرية عام 2012، ذكرت محطة تلفزيونية مصرية [22] أن حكومة الولايات المتحدة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية الحاكم حينها قد زورا الانتخابات لصالح الإخوان المسلمون بقيادة مرشحهم محمد مرسي.[23] في الحقيقة لعبت هذه النظرية دورا كبيرا في تأجيج احتجاجات 15 يوليو 2012 التي عرفت هجوما بالطماطم والأحذية من قبل الأقباط المتظاهرين على موكب وزيرة الخارجية الأمريكية.[24][25] فانتشر حينها رأي عام يقول بأن أمريكا تآمرت على مصر فدعمت مرسي؛ مما دفع الرئيس باراك أوباما إلى التصريح من خلال ملاحظة أبداها وقال فيها أن نظريات المؤامرة تكثر في كل مرة وقفت فيها الولايات المتحدة إلى جانب مرسي.[26][27][28] جذير بالذكر أيضا أن صعود تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ساهم في انتشار نظريات المؤامرة وبات الكثير يُؤمن بها حيث يعتقد الكثير حتى اللحظة أن «التنظيم الإرهابي والمتطرف» تم إنشاؤه من قبل وكالة المخابرات المركزية التابعة للولايات المتحدة جنبا إلى جنب مع الموساد وذلك بدعم من المرشحة الديمقراطية السابقة هيلاري كلينتون.[29][30] وهذه النظرية تعود لتتكرر مجددا في صعود جماعة بوكو حرام ونشاطها في نيجيريا والدول المجاورة.[31][32] نظريات المؤامرة في العالم العربي تقول أن الولايات المتحدة تدعم سرا الدولة الإسلامية في العراق والشام حيث تقوم بتمويل الجماعة وتزويدها بالأسلحة ثم تلعب دور عدوتها، وذلك كجزء من محاولة زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط. مثل هذه الشائعات أصبحت منتشرة بشكل كبير للغاية بل حتى أنها وصلت للعاملين في السفارة الأميركية في لبنان والتي أصدرت في بيان رسمي لها نفي كل هذه المزاعم ووصفتها بأنها مجرد «افتراء» لا غير.[33] نظرية مؤامرة الحرب ضد الإسلام«الحرب ضد الإسلام» وتُسمى أحيانا «الحرب على الإسلام» أو «الهجوم على الإسلام» هي نظرية مؤامرة سائدة في العالم العربي ويُؤمن بها الإسلاميون[ا] الذين يستخدمونها في خطاباتهم لوصف المؤامرة المزعومة التي تهدف إلى إضعاف العرب وإبادتهم جماعيا لما لا من خلال مختلف الوسائل العسكرية، الاقتصادية، الاجتماعية وحتى الثقافية. يرى العالم العربي أن مرتكبي المؤامرة هم من غير المسلمين وخاصة العالم الغربي والمسلمين المنافقين؛ حيث يرى المؤمنين بهذه النظرية أن المنافقين يتواطؤون مع جهات سياسية فاعلة في العالم الغربي لتدمير العرب والإسلام. أمَّا نظرية المؤامرة المعاصرة فتُؤمن برواية «الحرب ضد الإسلام»؛ حيث تُركز على القضايا العامة بما في ذلك العلمنة فضلا عن القضايا الأخرى المتعلقة بسياسات القوة الدولية بين الدول الحديثة والحروب الصليبية التي يرى العرب المسلمون المؤيدون للنظرية أنها كانت نقطة البداية. مؤامرات أخرىإسقاط مرسيبعد سقوط مرسي، انتشرت وسادت مؤامرات أخرى _عكس ما كانت من قبل_ وتُؤكد هذه المرة على أن المتآمرين هم من قاموا بإسقاط أول رئيس مدني لمصر وذلك بهدف منع الإخوان المسلمين من الوصول للسلطة وبالتالي تعقيد الوضع في فلسطين وزيادة متاعب اللاجئين الفلسطينيين والسوريين على حد سواء. ويرى مؤيدي محمد مرسي أن السعودية والإمارات تآمرت وتحالفت مع قوى غربية مثل إسرائيل من أجل تنفيذ المؤامرة بالتمام والكمال. مؤامرة المشروبات الغازيةفي الدول العربية هناك نظرية مؤامرة سائدة حول المشروبات الغازية وبالتحديد كوكا كولا وبيبسي، حيث يرى العرب المسلمون أن تلك المشروبات تحتوي عمدا على لحم الخنزير والكحول (المحرَّمان في الشريعة الإسلامية)؛ كما أن العلامات التجارية تحمل أسماء موالية لإسرائيل والصهاينة ومعادية للعالم الإسلامي والعربي وبالتالي هي رسائل مضمنة حول المشروع الكبير لليهود.[34][35][36] ملاحظاتالمراجع
|