بايلك الشرق
بايلك الشرق هي أكبر بايلكات أيالة الجزائر من حيث المساحة وعدد السكان، عاصمته قسنطينة، تمتد جغرافيا من الحدود التونسية شرقاً إلى بلاد القبائل غرباً، ومن البحر الأبيض المتوسط شمالاً إلى الصحراء الكبرى جنوباً، وتضم عدة مدن إستراتيجية مثل سطيف وقالمة وامارة كوكو، بالإضافة إلى مدن ساحلية كبيرة وموانئ كعنابة والقل وجيجل وبجاية. دخل بايلك الشرق تحت الحكم العثماني إثر وقعة القطن بين ميلة وقسنطينة، حيث أن عثمانيين بونة وتونس دخلوا قسنطينة سنة 1555م والحال أنهم وجدوا بها منذ 1535م ولكن لا يعلم صفة ذلك وكيفية أو نوعية الفتح.[1] وكان يحكم بايلك الشرق من عاصمته قسنطينة باي يعينه داي الجزائر، وكان أولهم رمضان تشولاك باي الذي تعاقب بعده ثلاثة وأربعون باياً، أشهرهم صالح باي وحسين باي بن صالح باي وعلي باي بن بابا علي وأحمد باي بن عبد الله المملوك وإبراهيم باي القرتلي ومحمد محمدي باي بن خان. قياسا ببقية البايلكات، تميز بايلك الشرق بقلة النفوذ العثماني.[2] بعد سقوط مدينة الجزائر وإبرام معاهدة تافنة مع الأمير عبد القادر، ركز الفرنسيون جهودهم لاحتلال بايلك الشرق (قسنطينة) الذي كان يحكمه أحمد باي بن محمد الشريف وحدث ذلك بعد معركة قسنطينة الثانية سنة 1837 م. التاريخبعد أن سيطر الأسبان على معظم المدن الساحلية الجزائرية عقب سقوط دولة الإسلام في الأندلس في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي واستجابة لدعوة الأهالي، قدم العثمانيون لمدينة قسنطينة سنة 1517م وقد وقفوا إلى جانب السكان لصد التحرشات الأوروبية، وكان لتواجدهم بقسنطينة الأثر الهام في تطويرها، إلى أن أصبحت عاصمة لبايلك الشرق. اختلفت آراء المؤرخين حول زمن دخول قسنطينة تحت راية الأتراك وتباينة تبايناً جلياً وهو ما يؤكد أن النفوذ التركي بالمدينة استقر تدريجياً بين 1520م و1555م ونذكر من بين المؤرخين:[1]
عاشت قسنطينة أوج ازدهارها في ظل حكم صالح باي الذي كان يشجع الحركات العلمية والمشاريع العمرانية وكان يسترشد بآراء العلماء، فأنشأ مدرسة الجامع الأخضر عام 1779م كما بنى المدرسة الكتانية بحي «سوق العصر» حاليا ويعود له الفضل في بناء بعض الجسور وشق الطرقات. رغم أن دخول الحكم العثماني إلى قسنطينة كان بطريقة يمكن القول عنها سلمية حيث أنها كانت بطلب من السكان أنفسهم، لكن ذلك لم يمنع ظهور بعض الثورات الشعبية في وجه الأتراك مناديتاً بنزعهم من الحكم ووضعه في يد أبناء الجزائر الاصليين وأهمها:[1] ثورة أحمد الصخري: سنة 1047 هـ في عهد مراد باي (1622 - 1647) نشبت هذه الثورة في المنطقة الممتدة بين الزاب وحدود تونس وحتى حدود السلطة المركزية بالجزائر فكادت تطيح بالنظام العثماني لأن مدتها طالت وأدت إلى سقوط عدد من الباشوات وعدد كبير من الأرواح وساد خلالها مدينة قسنطينة الفوضى.[1] ثورة ابن الأحرش: وكان ذلك في فترة حكم عثمان باي (1803 - 1804) كان موطن هذه الثورة بين جيجل والقل وميلة حيث استطاع ابن الأحرش ببلاغته اكتساب الأنصار والمؤيدين من مختلف القبائل (حوالي مئة ألف رجل) فتوجه بهم نحو قسنطينة مستغلاً غياب الباي عثمان عنها لكنه لم يفلح بل لاقى مقاومة شرسة تعرض على إثرها لجروح اضطرته للتراجع. عند بلوغ الخبر إلى الباي والذي كان بصدد جمع الضرائب لتسديد مستحقات البايلك تجاه الداي بالجزائر، عاد إلى قسنطينة ثم توجه لملاحقة ابن الأحرش حيث قتل بالمكان المسمى اخناق عليهم أما ابن الأحرش فتقول بعض المصادر أنه قتل على يد ابن الشريف الدرقاوي الذي رأى فيه منافساً خطيراً.[1] منذ السنوات الأولى لحكم أحمد باي بن محمد الشريف لقسنطينة بدأت تحرشات الفرنسيين بالمدن الساحلية لبايلك الشرق والتي تمكنت خلالها من الاستيلاء على مدينة عنابة سنة 1832 م ثم بجاية بعد ذلك عام 1833 م لتبدأ فيما بعد بالتوسع ناحية المدن الداخلية تجاه قالمة التي سقطت عام 1837 م، فتمكنت بذلك فرنسا من قطع مدد السلطان العثماني إلى بايلك الشرق من الناحية البحرية والحيلولة دون وصول الذخيرة والأسلحة منه إلى قسنطينة. للتضييق على أحمد باي في قسنطينة قامت فرنسا بالتحالف مع إبراهيم الكريتلي في عنابة وفرحات بن سعيد في الزيبان وهما من أكبر أعداء الباي، وتآمر الجنرال برتران كلوزيل مع باي تونس ضد الحاج أحمد باي. تم تعزيز قوات كلوزيل بقوات آتية من كل من الجزائر ووهران وبجاية وجعل مدينة عنابة نقطة التقاءها ليصل قوامها إلى أكثر من 7000 عسكري. هاجم كلوزيل قسنطينة في 21 نوفمبر 1836 فيما أصبح يعرف بمعركة قسنطينة الأولى والتي لاقى فيها الفرنسيون مقاومة شرسة جعلتهم يخسرون المعركة بخسائر قدرها 453 قتيل و304 جريح. بعد تلقّي القوات الفرنسية ضربات موجعة على يد الأمير عبد القادر اضطرت إلى عقد معاهدة تافنة مع الأمير لتتفرغ للجهة الشرقية وهو ما يؤكد عدم التنسيق بين الثورات الشعبية في الجزائر. قام الفرنسي دامريمون بحملة لاحتلال قسنطينة وفيها لقي مصرعه، فخلفه الجنرال فالي (بالفرنسية: Sylvain Charles Valée) على رأس الجيش الفرنسي، لكن عدم تكافؤ القوتين هذه المرة أضعف دفاعات المدينة وأدى إلى سقوطها. التنظيم السياسيضمن أيالة الجزائر حكم قسنطينة (بايلك الشرق) منذ عام 1528 بايات يعينهم داي الجزائر وذلك حتى سقوط قسنطينة بيد الجيش الملكي الفرنسي في 13 أكتوبر 1837.[3] كان رمضان تشولاك باي أول باي لبايلك الشرق والذي حكم بين 1567 و1574، باي قسنطينة هو ممثل داي الجزائر والمسيير الإداري للبايلك.[4] كانت للباي دولة تتكون من موظفين يعملون تحت إمرته على رأسهم:
كان حكم قسنطينة مقسماً بين الأتراك وأهالي المدينة بعد الصلح الذي تم بينهم، فكان تصريف الوطن بينهم أثلاثاً، ثلث لابن علي شيخ العرب وثلث لشيخ نجع الحنانشة وثلث لحاكم الترك. النظام الاجتماعيكان النظام الطبقي من الناحية الاجتماعية سائداً ابان الحكم العثماني إذ يمكننا تمييز الطبقات الاجتماعية الخمسة التالية:
الديموغرافيا والسكانكانت قسنطينة من أكبر الحواضر بأيالة الجزائر وعاصمة لبايلك الشرق، اختلف من وصفها في تحديد عدد سكانها فقد قال:
يمكن تقسيم سكان قسنطينة خصوصاً وبايلك الشرق عموماً اعتماداً على أصولهم العرقية إلى أربع مجموعات:
بايات بايلك الشرقحكم قسنطينة وبايلك الشرق بايات هذه أسمائهم وفترات حكمهم:[7] طالع أيضاًالمراجع
|