كربلاء
كَرْبَلَاء او كربلاء المقدسة مدينة عراقية ومركز محافظة كربلاء تقع في منطقة الفرات الأوسط. تعتبر أحد أهم المدن المُقدّسة لدى الشيعة [11][12][13] وذلك لوجود ضريح الإمام الحسين بن علي وأصحابه الذين قُتِلوا معه في واقعة الطف، يبلغ عدد سكانها نحو 1,350,577 ألف نسمة حسب تقديرات عام 2022 ما يجعلها سابع أكبر مدينة من حيث السكان في العراق.[14][15][16] وتقع مدينة كربلاء إلى الجنوب من العاصمة بغداد وتبعد عنها بحوالي 105كم2، وترتفع المدينة 30 مترا عن مستوى سطح البحر، وهي تقع في موقع مهم يربطها بالحدود السعودية عن طريق النخيب ومن الشمال ترتبط بالعاصمة بغداد ومن الجنوب ترتبط بالنجف ومن جهة الجنوب الشرقي بالحلة. الجغرافياالموقعتقع المدينة على بعد 105 كم إلى الجنوب الغربي من العاصمة العراقية بغداد، على حافة الصحراء في غربي الفرات وعلى الجهة اليسرى لجدول الحسينية. تقع المدينة على خط طول 44 درجة و40 دقيقة وعلى خط عرض 33 درجة و31 دقيقة، ويحدها من الشمال والغرب محافظة الأنبار ومن الجنوب محافظة النجف ومن الشرق والشمال الشرقي محافظة بابل.[17]
المياهتعتمد مدينة كربلاء في الإرواء والشرب والزراعة على مياه الأنهار والجداول المتفرعة من نهر الفرات بالأضافة إلى مياه الأمطار التي تشكل عامل مهم في الزراعة، ومن أشهر هذه الأنهار نهر الحسينية الذي يعد المصدر الرئيسي للمياه في كربلاء.[19] المناخيغلب على مدينة كربلاء المناخ الصحراوي حيث ترتفع درجات الحرارة بشكل نسبي في فصل الصيف فقد تصل في بعض الأحيان إلى حوالي 45 درجة مئوية تقريبا عند منتصف النهار أما في فصل الشتاء فتنخفض درجة الحرارة إلى درجة الصفر في بعض ليالي الشتاء، أما الأمطار فتتأثر المدينة بالمناخ الصحراوي لكونها مكشوفة على البادية الصحراوية وأيضا بالسهل الرسوبي من الشرق.
التاريخالتأسيسيعود تاريخ المدينة إلى العهد البابلي وكانت هذه المنطقة مقبرة للنصارى قبل الفتح الإسلامي، ويرى بعض الباحثين أن كلمة كربلاء يعني (قرب الإله) وهي كلمة اصلها من البابلية القديمة، ورأى بعضهم أن التوصل إلى معرفة تاريخ (كربلاء) القديم قد يأتي من معرفة نحت الكلمة وتحليلها اللغوي فقيل انها منحوتة من كلمة (كور بابل) العربية بمعنى مجموعة قرى بابلية قديمة، منها نينوى القريبة من سدة الهندية، ومنها الغاضرية، وتسمى اليوم (أراضي الحسينية)، ثم كربلاء أو عقر بابل ثم النواويس، ثم الحير الذي يعرف اليوم بالحائر إذ حار الماء حول موضع قبر الإمام الحسين عندما امر المتوكل العباسي بهدم وسقي القبر، ويرى اخرون أن تاريخ كربلاء يعود إلى تاريخ مدن طسوح النهرين الواقعة على ضفاف نهر بالاكوباس (الفرات القدي زطم) وعلى ارضها معبد قديم للصلاة، أن لفظ كربلاء مركب من الكلمتين الاشوريتين (كرب) أي حرم و (أيل) أي الله ومعناهما (حرم الله)، وذهب آخرون إلى أنها كلمة فارسية المصدر مركبة من كلمتين هما (كار) أي عمل و (بالا) أي الأعلى فيكون معناهما (العمل الأعلى)، ومن اسمائها (الطف) ويحتمل أن كلمة كربلاء مشتقة من الكربة بمعنى الرخاوة، فلما كانت أرض هذا الموضع رخوة سميت كربلا... أو من النقاوة ويقال كربلت الحنطة إذا هززتها ونقيتها. فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك. والكربل اسم نبت الحماض، فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر وجوده هناك فسميت به.[21] واقعة الطفشهد التاريخ الإسلامي في كربلاء واقعة مروعة تعد من أكبر الوقائع والأحداث المؤلمة التي شهدها العالم الإسلامي على مر التأريخ، ألا وهي حادثة الطف (عاشوراء) التي وقعت بين الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب وأهل بيته واصحابه المعدودين، وبين يزيد بن معاوية بن أبي سفيان وجيشه الكبير في شهر محرم الحرام سنة 61هـ (680م) في صحراء كربلاء، ويحيي الملايين من الشيعة حول العالم ذكرى هذه الواقعة كل عام بالذهاب مشياً على الاقدام.[22] الحكمين الآموي والعباسيفي 12 محرم عام 61 هـ (680م) بدأ تاريخ عمران مدينة كربلاء بعد واقعة الطف بيومين حيث دفن علي بن الحسين زين العابدين بمساعدة بنو أسد رفات أبيه الحسين واخيه العباس وصحبه، وخلال العهد الأموي أصبحت كربلاء رمزا للعديد من الثورات ضد الحكم الأموي إشهرها ثورة المختار الثقفي وثورة التوّابين عندما قصدوا زيارة قبر الحسين في ربيع الأول من عام 65 هـ قبل رحيلهم إلى عين الوردة طافوا حول قبر الحسين، وكان عددهم يقارب أربعة آلاف رجل فازدحموا حول القبر أكثر من ازدحام الحُجّاج على الحجر الأسود عند لثمه، ثم إنهم لما انتهوا إلى قبر الحسين بكوا بأجمعهم وكانوا قد تمنوا الشهادة معه، فقام سليمان بن صُرَد فتوجه إلى القبر قائلاً: «اللهمّ ارحَمْ حُسيناً الشهيد ابن الشهيد، المهديّ ابن المهديّ، الصدّيق ابن الصدّيق، اللهمّ إنا نُشهدك أنّا على دينهم وسبيلهم، وأعداءُ قاتليهم، وأولياءُ محبيهم»، ثم انصرف وانصرف معه القوم بعدما أقاموا عنده يوماً وليلة لمواجهة الجيش الأموي، وتذكر المصارد التاريخية بأن كربلاء لم تمصر طوال العهد الأموي خوفاً من بطش وتنكيل بني أمية. فقد انتشرت في العهد الأموي مخافر الشرطة حول كربلاء لمنع الزوار من زيارة مشهد الإمام الحسين.[23] أما خلال العهد العباسي فقد مرت كربلاء بكثير من الأحداث ففي عهد الخليفة العباسي المعتضد سنة 279هـ 892م زار كربلاء حسن بن زيد العلوي الملقب بـ (الداعي الكبير) ملك طبرستان وديلم. فباشر ببناء الحضرة الحسينية واتخذ حولها مسجدا، ولكنه توفي قبل إنجازها واكمل بناءها أخوه محمد بن زيد العلوي الملقب بـ (الداعي الصغير) الذي خلف أخاه وأهتم بمدينة كربلاء ومرقد الإمام الحسين.[24] وعندما دخل البيويهيون بغداد وأصبحوا الحكام الفعليين في زمن الخليفة العباسي المستكفي سنة 334هـ 946م حظيت مدينة كربلاء بالاهتمام والرعاية. وكان أول من زارها من السلاطين البويهيين، السلطان معز الدولة سنة 336هـ 977م.[25] وفي سنة 367هـ 978م أيام خلافة الطائع العباسي أستولى السلطان عضد الدولة فناخسرو بن ركن الدولة الحسن البويهي على بغداد من جديد، وعرج على مدينة كربلاء لأول مرة لزيارة مرقد الإمام الحسين، وقد أولى المدينة جل عنايته واهتمامه وكان يزور كربلاء كل عام.[26] وفي سنة 369هـ 980م أهتم عمران بن شاهين والي إمارة البطائح، التي تقع بالقرب من واسط جنوب العراق، بمرقدي الإمام علي في النجف والإمام الحسين في كربلاء، حيث شيد رواقاً في الجانب الغربي من حرم الإمام الحسين عُرف برواق أبن شاهين، والذي يعرف اليوم برواق السيد إبراهيم المجاب وبني بجواره مسجداً[27]، سنة 247 هـ أعاد المنتصر العباسي بناء المشاهد في كربلاء وبنى الدور حولها بعد قتل أبيه المتوكل الذي عبث بالمدينة وهدم ما فيها، ثم استوطنها أول علوي مع ولده وهو السيد إبراهيم المجاب الضرير الكوفي بن محمد العابد بن الإمام موسى الكاظم. بعد سيطرة السلاجقة على العراق لم يذكر عنهم أنهم أتخذوا موقفاً معانياً من كربلاء والحائر بل أنهم محضوا كربلاء أحترامهم، وكان أول من زار المدينة السلطان السلجوقي أبو الفتح جلال الدولة ملكشاه مع وزيره نظام الملك مع حاشية كبيرة سنة 479هـ 1087م.[28] وفي سنة 489هـ 1096م أغارت قبيلة خفاجة على كربلاء بعد إغارتها على الحلة.[29] العهد المغوليبعد أن أستولى المغول على العراق سنة 656هـ (1258م) بقيادة هولاكو، كانت كربلاء في وقتها لا تزال غارقة في الظلام، ترزح تحت وطأة الفقر والإهمال، وكانت مدن مثل البصرة والنجف والكوفة والحلة وواسط والموصل وكربلاء وغيرها قد أصبحت خاضعة للمغول بسقوط بغداد ولذلك لم تتعرض للتدمير والنهب. في سنة 662 هـ (1268م) زار المشهد الحائري جلال الدين ابن الدواتدار الصغير، فشرع في بيع ماله من الغنم والبقر والجواميس وغير ذلك، واقترض من الأكابر والتجار مالا كثيراً، واستعار خيولاً وآلات السفر وأظهر أنه يريد الخروج إلى الصيد وزيارة المشاهد واخذ والدته وقصد مشهد الحسين ثم توجه إلى الشام فتأخر عنه جماعة ممن صحبه من الجند لعجزهم.[30] وفي سنة 696هـ (1297م) قدم العراق السلطان المغولي محمود غازان خان ماراً بالحلة والنجف فتوجه إلى كربلاء في زيارة الإمام الحسين وأمر للعوليين والمقيمين بمال كثير. وفي سنة 698هـ (1229م) قدم غازان مرة أخرى لزيارة كربلاء والنجف ثم أمر بحفر قناة من نهر الفرات تصل إلى سهول كربلاء وسمي هذا النهر بـ (الغازاني الأعلى) تميزاً لنهرين آخرين حفرهما غازان أيضاً في الحلة.[31] وقد خلف أولجايتو محمد خدابنده أخاه غازان سنة 703هـ (1304م) وحذا حذوه في اهتمامه بالمراقد المقدسة ورعاية العلويين.[32] لم تهدأ الأحوال السياسية في العراق زمن الأيلخانيين فكثرت الفتن والاضطرابات. وقد مهدت هذه الأوضاع الطريق للشيخ حسن الجلائري مؤسس الدولة الجلائرية، التي كانت عاصمتها تبريز في إيران، للأستيلاء على بغداد سنة 738هـ (1337م) والقضاء على سلطة الإيلخانيين فيها. وبالرغم من قصر فترة السيادة الجلائرية فقد تميزت بالأستقرار النسبي الذي ساعد على قيام نهضة عمرانية وعلمية وفنية في العراق وخاصة في المدن الدينية ومنها مدينة كربلاء. اقدم السلطان أويس الجلائري على على تجديد عمارة مرقد الإمام الحسين وقام من بعده أبناءه السلطان حسين والسلطان أحمد بهادر خان بأستكمال البناء سنة 786هـ (1384م)، وهو البناء الذي ما زال هيكله موجوداً إلى آلان وقد شيد أيضاً في هذه الفترة البهو الأمامي للروضة الحسينية المعروف بإيوان الذهب.[33] قبل أن يستولي تيمورلنك على بغداد سنة 795هـ (1393م) ترك السلطان أحمد بهادر خان بغداد متوجهاً إلى كربلاء مع جيشه البالغ حوالي ألفي مقاتل. فقد أرسل تيمورلنك جيوشه تتعقب السلطان أحمد فدارت معركة شديدة بين الطرفين في سهول كربلاء أنهزم في آخرها السلطان أحمد إلى الشام ومنها إلى مصر محتمياً بسلطانها الملك الظاهر برقوق.[34] الحكمين الصفوي والعثمانيدخلت مدينة كربلاء مرحلة عمرانية جديدة بعد أستيلاء الشاه إسماعيل الصفوي على العراق سنة 914هـ (1508م)، حيث قام الصفويون بتعمير وتزيين المراقد المقدسة والمباني الدينية الأخرى. وساهموا بتطوير المدينة حيث شيدوا بيوتاً جديدة وجمعوا لهذا الغرض نخبة من البنائين والفنيين المهرة من أطراف البلاد الإسلامية في بناء القباب والقبب والعقود وفن تزيين العمائر بالبلاط المزجج «القاشاني» الملون وزخرفة الخشب والنقوش الجبصية واستخدام الطابوق (الآجر) في البناء بطرق فنية رائعة. وقد جلبوا أغلى المواد البنائية، كالرخام والمرمر والأخشاب النادرة وغيرها لإكساء العديد من المباني وزخرفتها.[35] وعند ملاحظة الطابع المعماري للأبنية الدينية في كربلاء والمدن المقدسة الأخرى في العراق والتي شيدت في العهد الصفوي، يمكن القول بأنها جمعت بين العناصر المعمارية التي عرفت في أبنية العراق وإيران في فترات زمنية مختلفة كالإيوان الكبير، والبهو الواسع المغطى بعقود نصف دائرية، والفناء المكشوف الذي يتوسطه حوض ماء (نافورة).[36] وفي سنة 984 هـ (1576م) قام الوالي العثماني علي باشا الوندزادة بأمر من السلطان العثماني مراد الثالث بتشييد ضريح الأمام الحسين وكذلك شيد المسجد والرواق والقبة وعمر ايضاً قباب شهداء كربلاء. الغزو الوهابي لكربلاءجاء هجوم الوهابيون على كربلاء سنة 1802م في وقتٍ كانت فيهِ بغداد تعاني من تفشي وباء الطاعون وكان واليها مريضاً يعاني من مرض المفاصل، حيث يذكر (لونكريك) في كتابه أربعة قرون من تأريخ العراق الحديث، في استعراضه للهجوم الوهابي بأن والي العراق المملوكي سليمان باشا كان في الخالص مبتعداً عن الطاعون الذي انتشر في بغداد عندما وصله خبر تحرك القوات السعودية نحو العراق للغزو الربيعي المعتاد فأصدر أوامره إلى نائبه علي باشا بالتحرك نحو كربلاء لصد الغارات السعودية وبينما كان القائد العثماني يجمع جيشه في الدورة قرب بغداد، هاجم الوهابية كربلاء، وكانت في هذه الفترة عبارة عن قصبة صغيرة مؤلفة من ثلاثة إطراف يعرف الأول محلة آل فائز، والثاني آل زحيك، والثالث آل عيسى، وكان معظم سكانها في زيارة للنجف فسارع من كان فيها لإغلاق أبواب السور حيث كانت مسورة بسور بسيط من اللبن وسعف النخيل وجذوعه والطين، لكن المهاجمين تمكنوا من فتحه عنوة فكانت الفاجعة الكبرى بتدمير المدينة وقتل سكانها، حيث داهمت كربلاء أعداد كبيرة قدرتها بعض المصادر بأربع عشر ألف إلى ستة عشر إلف فارس وراجل وذكرت مصادر أخرى أنهم بحدود خمسة وعشرون ألف من الفرسان وقد امتطوا الجياد العربية الأصيلة، وكانوا قبل ذلك قد بعثوا جماعة منهم إلى ضواحي كربلاء وقد ارتدوا زي الزوار حيث قامو بقتل سكان المدينة ولقد قدر بعضهم عدد القتلى بألف نسمة وقدرهم الأخرون بخمسة آلاف.[37] وبعد هذه الحادثة تبرع أحد ملوك الهند بإعادة بناء ما خربه جيش آل سعود، فأخذ المرجع الكبير آنذاك السيد علي الطباطبائي على عاتقه سنة 1217هـ (1802م) مسؤولية إعادة بناء وترميم المراقد المقدسة والأسواق والبيوت وشيد للمدينة سوراً حصيناً تتوزع عليه الأبراج والمعاقل، وجعل لهذا السور ستة أبواب.[38] مجزرة كربلاء عام 1906في سنة 1906 م فرضت الحكومة المحلية في كربلاء على القادمين من بلاد فارس ضرائب خاصة فأعلن الإيرانيون إحتجاجهم على تلك الضرائب وتذمرهم منها.[39] وقد كان يشجعهم على هذا الاحتجاج نائب القنصل البريطاني في كربلاء محمد حسن خان القندهاري. وقد تجمع المحتجون بالقرب من دار القنصلية وهم في حالة الالتجاء على غرار ماحدث في بلاد فارس في ذلك العام ففرشوا البسط في الشارع وعلقوا خياما على الجدران ليستظلوا بها من ظل الشمس.[39] وقد حاول متصرف كربلاء رشيد بك الزهاوي إقناع المعتصمين بطرق شتى فض الاعتصام ولكن محاولاته لم تجد نفعا أمام إصرار المعتصمين بتنفيذ مطالبهم وبعدها وجهت إليهم الحكومة ثلاث إنذارات متعاقبة وقد حلت نهاية الإنذار الثالث في منتصف ليلة القدر من شهر رمضان سنة 1324 هجري الموافق 10 تشرين الثاني لسنة 1906 م.[39] فأحاط الجنود العثمانيون بالمعتصمين ووجهوا عليهم رصاص بنادقهم وقد قتل في ذلك اليوم حوالي 70 قتيلا من المعتصمين وعدد كبير من الجرحى.[40] ذهب السيد علي الشهرستاني وهو أحد علماء كربلاء إلى القنصل الإيراني في بغداد ليخبره بما جرى وبعدها وصل إلى كربلاء خبراء أرسلهم القنصل البريطاني من بغداد للتحقيق في الحادث وعند ثبوت حدوث المجزرة بحق المعتصمين قررت الحكومة العثمانية عزل والي بغداد عبد المجيد بك.[41] ثورة العشرين في كربلاءأصبحت مدينة كربلاء في عهد الثورة ذات أهمية كبيرة وذلك لسبيين وهي وجود المرجع الشيعي الكبير الميرزا محمد تقي الشيرازي فيها وكذلك قرب المدينة من جبهات القتال.[42] وبعد معركة الرارنجية التي حدثت يوم 25 تموز قررت كربلاء المشاركة في الثورة أجتمع مجموعة من رؤساء البلدة بمعاون الحاكم السياسي محمد خان بهادر وطلبوا منه تسليم كل ما لديه من صلاحيات إلى هيئة وطنية منتخبة من رؤساء البلدة فطلب منهم محمد خان مهلة يومين.[43] وقد حاول محمد خان من خلال هذه المهلة الألتفاف على رؤساء البلدة بالاتفاق مع مدير شرطة المدينة وقد فشلت محاولته وعندئذ التجأ محمد خان بهادر ومحمد آمين مع عريف بالجيش البريطاني إلى دار الشيخ رشيد الصافي عندها تطوع الشيخ فخري كمونة لحماية الثلاثة وأخراجهم بإمان من المدينة.[43][44] وفي اليوم التالي أجتمع رؤساء ووجهاء البلدة بالشيخ الشيرازي وتقرر تشكيل مجلسين للإدارة هما الشعبي والوطني للإشراف على المدينة وجباية الضرائب وتعيين الموظفين والشرطة.[45] وبعد وفاة الشيخ محمد تقي الشيرازي يوم 17 آب تم حل المجلسين اللذان تشكلا بعد إعلان الثورة في كربلاء.[46] وبعد وفاة الشيرازي ظهرت الحاجة لتعيين متصرف لمدينة كربلاء لفرض الأمن والنظام في المدينة وحل للخلافات التي ظهرت بوادرها بين رؤساء ومشايخ المدينة لذلك تقرر تعيين السيد محسن أبو طبيخ متصرفا للمدينة يوم 6 تشرين الأول[47][48] بعدها شنت القوات البريطانية هجوما واسعا على مناطق الفرات الأوسط لإسترجاع ما فقدته من مناطق ومدن وكان لسقوط مدينة الهندية (طويريج) يوم 13 تشرين الأول بيد القوات الإنجليزية الأثر الأكبر في نشر الخوف بين أهالي كربلاء فتقرر تشكيل وفد من وجهاء ورؤساء المدينة للذهاب إلى تمركز القوات الإنجليزية في الهندية لغرض تسليم المدينة دون قتال وقد وصل وفد كربلاء إلى الهندية يوم 17 تشرين الأول.[49] وقابلوا القائد الإنجليزي ساندرز وطلب منهم الذهاب إلى بغداد لمقابلة السير بيرسي كوكس بعدما أعادته الحكومة البريطانية حاكما مدنيا على العراق وحين قابل الوفد السير برسي كوكس قدم لهم الأخير ستة شروط منها تسليم 17 مطلوبا للحكومة البريطانية.[50] فجرى تنفيذ حميع الشروط الإنجليزية أما بخصوص المطلوبين 17 فقد تم ألقاء القبض على 10 منهم أما الباقين فقد لاذوا بالفرار.[51] الانتفاضة الشعبانيةأندلعت شرارة الانتفاضة في كربلاء حالها حال المدن العراقية الأخرى وانتشرت بأسرع مما يمكن أن يتصور أحد حيث كانت كربلاء تضم في وقتها آلاف الزوار وخلال ساعات اختلف الوضع في المحافظة كلياً حيث تهاوت مؤسسات النظام وانتهى وجود الحزبيين ومسؤولي الأمن ولقي الكثير منهم القبض عليهم وتمتعت كربلاء بأجواء الانتفاضة على غرار بقية المدن العراقية، وكانت مركزية الانتفاضة فيها أقل درجة من مثيلتها في النجف بعد أيام قليلة بدء الهجوم من قبل قوات الأمن على المدينة وتم تدمير البساتين والأبنية والمساجد والحسينيات والبيوت حتى لم يعد لها أثر حيث حوصرت المدينة وطلب من أهلها أن يتركوها باتجاه بحيرة الرزازة ورشقت برشقات متوالية من الصواريخ ثم اشتد القصف مما أضطر السكان إلى مغادرة بيوتهم باتجاه البحيرة وما أن امتدت حشود السائرين على الطريق مسافة طويلة حتى بدأت طائرات الهليكوبتر تحصدهــم وتقتل الأبرياء والعزل وكلما تقدمت قوات النظام كان ثوار كربلاء يتصدون لها بعمليات تعرضية جريئة وأوقعوا بها بعض الخسائر، وكذلك قُصف مرقدي الامام الحسين بن علي والامام العباس بن علي فضربت قبّة العتبة العباسية والروضة الحسينية بالصواريخ وقذائف المدفعية بأمر من حسين كامل وقصف مقام كف العباس الأيمن والدور السكنية التي حوله ثم قام الجيش إلى بقصف الصحن الحسيني ونسف باب القبلة ثم اتجه النظام لاستخدام القصف المدفعي والصواريخ وقذائف الهاون من قبل الجنود الذين يختبئون في البساتين المجاورة لمركز مدينة كربلاء فكان القصف يشمل السكان اللاجئين في المرقدين وآصيب العشرات من اللاجئين بسقوف الروضتين وظهرت لاحقاً لقطات فيدوية من المدينة خلال الانتفاضة صورها مجموعة من الشباب المنتفضين.[52][53] غزو العراقخلال عملية غزو العراق، الذي قادته الولايات المتحدة شهدت مدينة كربلاء مقاومة عنيفة لم تشهدها الا مدن قليل إستطاعت فيه القوات الأمريكية فرض سيطرتها على المدينة بشكل كامل، بعد معارك خلفت فيها القوات الأمريكية 8 قتلى من جنودهم وسقوط مروحية بلاك هوك وتدمير دبابة أبرامز.[54] وفي عام 2004، أندلعت معركة أخرى بين القوات الأمريكية والبولندية من جهة وعناصر من جيش المهدي، تحولت فيها المعركة إلى حرب شوارع، وقد إنتج فيلم بولندي عام 2014 يؤرخ هذه المعركة بعنوان (Karbala)، ويدور الفيلم عن معركة وقعت بين الجنود العراقيين والبولنديين في مدينة «كربلاء» العراقية عام 2004 وهي أضخم معركة خاضها الجنود البولنديون منذ الحرب العالمية الثانية.[55][56] بداية الإعمار والتطوربعد سقوط نظام صدام حسين في 9 أبريل 2003 عادت الشرعية لعتبات كربلاء حيث تشكلت اللجنة العليا لإدارة العتبات المطهرة وفي كربلاء بعضوية العلامة السيد محمد الطباطبائي والعلامة السيد أحمد الصافي والشيخ عبد المهدي الكربلائي بأمر من المرجعية العليا في النجف الأشرف وبتصريح خطي وقعه آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني ومراجع النجف السيد محمد سعيد الحكيم والشيخ محمد إسحاق الفياض والشيخ بشير النجفي، حيث أنجزت العشرات من المشاريع العملاقة في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية بحيث أنها تعادل خلال سبع سنوات من العمل ما اُنجز فيهما خلال 4 قرون على الأقل قبل ذلك، وذلك من قبل اللجنة ومن بعدها الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين التي خلفت اللجنة في إدارتهما بعد صدور القانون الرسمي والشرعي دينيا ودستوريا ذي الرقم 19 لسنة 2005م.[57] إنجاز مشروع تذهيب مأذن الإمام الحسين وزيادة طولهما في حزيران عام 2008م من قبل قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة. وفي 17 يوليو عام 2010 إنجاز مشروع تذهيب مأذن مرقد أبي الفضل العباس في ذكرى مولده 4 شعبان عام 1431 هـ بالذهب المطعم بالمينا ولأول مرة في العراق ومن قبل شركة عراقية وبإشراف قسم المشاريع الهندسية في العتبة العباسية المقدسة. في 23 يناير عام 2017، باشرت إحدى الشركات البريطانية أنشاء مطار جديد للمدينة بكلفة 500 مليون دولار، يقع إلى الجنوب من مدينة كربلاء وهو أول مطار يتم تأسيسه في المحافظة ويبلغ مساحته 18 ألف دونم وهو أكبر مشروع في كربلاء.[58] التسميةفي المعنى ذكر السيد هبة الدين الشهرستاني أن كلمة كربلاء منحوتي من كلمتي (كور بابل) بمعنى مجموعة قرى بابلية.[59] في اللغة العربية ذكر ياقوت الحموي في المعجم كربلاء بالمد حول اشتقاقه من كربله رخاوة في القدمين، جاء يمشي مكربلا، وعلله لرخاوة أرضها وتربتها ونقاء حنطتها واستشهد والكربل اسم نبت الحماض، وعلى ما ذكره مؤلف (دبستان المذاهب) يطلقون لفظة بـ (كار بالا) ومعناه الفعل الفوقي أو العلوي، فعرب بكربلاء. وقيل تسمية كربلاء تعود في جذورها إلى العهد البابلي، وهي مشتقة من "كرب أي مصلى، و (كرٌ وبلاء), و"آل" أي الإله عند الآراميين الساميين، آي يكون معناها مصلى الإله كما ذكر ذلك الدكتور مصطفى جواد، وقيل كور بابل التي ترجع إليها التسمية ومن المحتمل أن المسلمين خففوا لفظ كربلا من كور بابل وهذا الكلام يقال أنه صحيح.[11] وقال الأديب اللغوي (انستاس الكرملي): (والذي نتذكره فيما قرأناه في بعض كتب الباحثين أن كربلاء منحوتة من كلمتين من (كرب) و (إل) أي حرم اللـه أو مقدس اللـه).[60] وجاء في كتاب كربلاء في الذاكرة لسلمان هادي الطعمة ما نصه:[61] تعتبر كربلاء من المدن العراقية القديمة التي يعود تاريخها إلى العهد البابلي. ويذكر أن اسمها يعني (قرب الآلهة) وذهب بعضهم إلى أن اسمها مشتق من كلمة (كور بابل) التي هي عبارة عن مجموعة من قرى بابلية قديمة منها نينوى والغاضرية وكربله بتفخيم اللام ثم كربلاء وعقر بابل والنوايس والحائر، وذهب آخرون أن اسمها مشتق من الكرب والبلاء. وتشتهر كربلاء بقدسيتها لدى الشيعة، فقد أُريق على تربتها دم سبط الرسول الكريم الحسين بن علي وأهل بيتـه في واقعـة الطف المشهـورة سنة 61 هـ (680م). قال سامي المنصوري في كتابه (التقسيمات الإدارية في لواء كربلاء) "وقد كان اسم كربلاء الأصلي في صدر الإسلام كربلا بدون همزة، أضيفت الهمزة فيما بعد في الشعر العربي".[62] ويرجع بعض المؤرخين أن العرب خففوا من لفظة كربلاء من (كور بابل). ويقول الأب انستاس ماري الكرملي ان كربلاء منحوتة من (كورب) و (الـ) وهو أمر وارد لأن هذه البقاع سكنها الساميون قديما.[63] واذا فسرنا (كرب) بالعربية أيضا دلت معنى (القرب) فقد قال العرب كرب يكرب مكروباً، أي دنا وهو يعطي المعنى نفسه لدى الساميين. أما (الـ) فقد كان يعني (الال) في اللغة السامية. وعلى حسبان كربلاء من الأسماء السامية تكون القرية من القرى القديمة التابعة لبابل. وهي كما قال ياقوت الحموي ناحية من نواحي نينوى الجنوبية. ومما يدل على قدم كربلاء وجودها قبل الفتح الإسلامي ما ذكره الخطيب البغدادي بسنده إلى ابي سعيد التميمي: (اقبلنا مع علي (ع) من صفين فنزلنا كربلاء، فلما انتصف النهار عطش القوم) والمهم في هذا الحديث دلالته التوثيقية حيث يعتبر كربلاء موجودة قبل سنة 40 هـ وهو التاريخ الذي مرّ به الامام علي فيها. وذكر ياقوت الحموي لفظة (كربلاء) واوعزها إلى ثلاثة أوجه، فقال ما نصه: «كربلاء بالمد وهو الموضع الذي قتل فيه الحسين بن علي في طرف البرية عند الكوفة.[64] فأما اشتقاقه فالكربلة رخاوة في القدمين، يقال جاء يمشي مكربلاً فيجوز على هذا أن تكون أرض هذا الموضع رخوة فسميت بذلك ويقال كربلتُ الحنطة إذا اهززتها ونقيتها وينشد في صفة الحنطة: يحملن حمراء رسوباً للثقل قد غربلت وكربلت من الصقل فيجوز على هذا أن تكون هذه الأرض منقاة من الحصى والدغل فسميت بذلك، والكربل اسم نبت الحماض. وقال أبو وجره يصف عهون الهودج: وتامر كربل وعميم دفلى عليها والندى سبط يمورُ فيجوز أن يكون هذا الصنف من النبت يكثر نبته هناك فسمي به، وقد روي أن الحسين لما انتهى إلى هذه الأرض قال لبعض اصحابه ما تسمى هذه القرية وأشار إلى العقر فقال اسمها العقر فقال الحسين نعوذ بالله من العقر ثم قال فما اسم هذه الأرض التي نحن فيها قالوا كربلاء فقال أرض كرب وبلاء وأراد الخروج منها فمنع كما هو مذكور في مقتله حتى كان منه ما كان. ورثته زوجته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل فقالت: وا حسيناً فلا نسيت حسيناً اقصـدته أسنـّة الأعـداء غادروه بكـربلاء صريعاً لا سقى الغيث بعده كربلاء ونزل خالد عند فتحة الحيرة كربلاء فشكى اليه عبد الله بن وثيمة البصري الذبّان فقال رجل من أشجع في ذلك: لقد حبسـت في كربلاء مطيتي وفي العين حتى عاد غثاً سمينها اذا رحلت عن منزل رجعت له لعمري وايهـا اننـي لأهينهـا ويمنعهـا مـن ماء كل شريعة رفاق من الذبان زرق عيونهـا[65] وتسمى كربلاء أيضا بأسماء أخرى قبل استشهاد الحسين بن علي واصحابه وعدد من أهل بيته تسمى:- الغاضرية، نينوى، عقر، الطف. الحكومة المحليةمجلس المُحافظةكان موقع السراي (مجلس المحافظة) قديماً في خان (خلفه حسن) بشارع الگمرك الذي يعرف بـ (خان الشرطة) ثم أنتقل إلى شارع العباس في خان الخيالة. وفي سنة 1928م شيد السراي الحاج حسين المعمار والحاج علي أكبر وهو البناية السابقة أي المحكمة حالياً، وقد صرف عليه 27 ألف روبية. وبعدها شُيدت البناية الجديدة التي هي اليوم ماثلة للعيان وذلك في عهد شبيب المالكي المُحافظ الأسبق.[66] رئيس البلديَّةتُناطُ الخدمات التي تُقدم في كربلاء برئيس بلديَّتها، المسؤول عن أمنها ورفاهيَّة أهلها وتنظيمها، والمُنتخب من قِبل مجلسٍ بلديّ يُنتخب بدوره من قِبل أبناء المدينة. كان موقع البلدية في ساحة الميدان القديم في بناية المجمّع الذي يطلق عليه بـ (قرّات خانه)[67] ثم تحولت إلى (الميدان) الذي يطلق عليه اليوم بـ (ساحة الزهراء)، وكانت تجمع دوائر المدينة. ثم انتقلت هذه الدائرة إلى موقعها الحالي على شارع العباس في محلة العباسية الغربية، خلف مديرية البرق والبريد والهاتف. ويتولى ادارتها رئيس البلدية. تأسست بلديَّة كربلاء فعليًّا سنة 1874م، وعُيِّنَ محمد علي بن عبد الوهاب آل طعمة أول رئيسًا لبلديَّتها، أما رئيسها الحالي فهو أنمار الرفيعي. سكان كربلاءالقبائلتضم محافظة كربلاء أُسر وعشائر عديدة من أصول عربية وأفغانية وإيرانية ومن أبرز تلك العشائر هي قبيلة بنو أسد وقبيلة بني مسعود (المسعود) وقبيلة اليسار الطائية والسادة بنو هاشم إضافة لوجود عشائر وقبائل أقل منها عدداً وشهرة [68][69][70][71] الدينتعتنق الغالبيَّة العُظمى من سُكَّان كربلاء الإسلام دينًا، على المذهب الشيعي الإثنا عشري، وهي واحدة من أهم وأكبر المدن الشيعيَّة في العراق وذلك لوجود ضريح الإمام الحسين وأخيه العباس. أغلب سكان مدينة كربلاء من العرب وأقلية من الفرس يعشون في المدينة القديمة وكان نصف سكان المدينة في القرون الماضية من الفرس والأذر.[72] التعداد
حسب تقديرات عام 1985 بلغ عدد سكان المدينة 574 الف نسمة نتيجة إلى نزوح السكان من القرى والأرياف وبعض المدن العراقية بسبب الحرب العراقية الإيرانية عام 1980م[75] بعدما كان عدد سكانها سنة 1971م 213 الف نسمة.[74] وفي تقديرات عام 2011 بلغ عدد سكان المدينة نحو 675 الف نسمة تم فيها أستثناء منطقة الحر شمال المدينة[77] وحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء بلغ عدد سكان المدينة في عام 2005 نحو 454 الف نسمة[76] وبعد الأستقرار الكبير في العراق زاد عدد سكان المدينة وهو يتراوح الآن مابين 800 إلى 900 الف نسمة.[79] البُنية التحتيَّةأحياء كربلاءتُقسم كربلاء إدارياً إلى ثلاثة قطاعات رئيسية وتُقسم كل من هذه القطاعات إلى أحياء، وتتميز أحياء كربلاء بتنوعها بين أحياء تاريخية تمتد جذورها إلى حقب تاريخية تمتد إلى العهد الصفوي والعثماني وأحياء حديثة تأسست في السبعينيات، تبلغ عدد هذه الأحياء السكنية أكثر من 57 حي وأهمها.[80]
الأسواقتُعد الاسواق القديمة في مدينة كربلاء أحد أهم الآثار التاريخية فيها، وتذكر المصادر التاريخية أن نشأة الأسواق التراثية في هذه المدينة المقدسة تعود إلى بداية القرن الثالث الهجري، وبالتحديد من زمن الخليفة العباسي المأمون. وتُشير تلك المصادر إلى أن أسواق كربلاء كانت في تلك الفترة عامرة تسودها الطمأنينة وتؤمها القوافل. وكان من الزائرين من يؤثر البقاء عند مرقد الإمام الحسين، ومن يرجع إلى وطنه. وذلك قبل أن يأمر المتوكل بهدم البناء الذي كان يعلو القبر والمباني التي حوله وذلك سنة 236هـ (850م). وفي العهد البويهي انتشرت الأسواق بين المرقدين وذلك بعد أن قام عضد الدولة بإعادة بناء مرقد الإمام الحسين بين سنتي (980م - 982م)، وبناء مرقد العباس لأول مرة سنة 372هـ (983م)، وتشييد بيوت وأسواق جديدة في المدينة.[82][83] واشتهرت مدينة كربلاء بأسواقها التاريخية العريقة التي تؤلف بمجموعها وحدة من وحدات المنشأة الاجتماعية، فهي ترتبط عضوياً بالمراقد المقدسة وتحيط بها. وقسم منها يمتد أمام مداخلها بحيث لا يمكن إلا المرور من خلالها.[84] والأسواق في مدينة كربلاء، والمدن العراقية عموماً، أنشئت ضمن تخطيط المدينة، فجاءت بحلول موفقة للمشاكل العمرانية والسكنية القائمة آنذاك. وهي لا تختلف من ناحية طراز عمارتها عن الأسواق في المدن العربية والإسلامية. إذ فرضت طبيعة المناخ السائد في تلك المدن نمطاً معيناً من الأسواق، فهي ضيقة وشبه مستقيمة، وفي أكثر الأحيان تقوم على طرفيها الدكاكين المختلفة وغالباً ما تكون ممراتها مسقوفة للوقاية من الأمطار وأشعة الشمس والرياح.[85] ومن أشهر هذه الأسواق سوق السراجين، سوق الخياطين، وسوق الحياك، وسوق باب السلالمة، وسوق المخيم، سوق باب الخان، وسوق الصفارين وغيرها من الأسواق.[86] دور العبادةالجوامع
الحسينيات
الكنائستعتبر كنيسة القيصر واحدة من أقدم الكنائس في الشرق حيث يعود تاريخ تأسيسها إلى القرن الخامس الميلاد، تقع في وسط الصحراء على بعد 70 كم عن مدينة كربلاء تتميز بوجود كتابات آرامية على جدرانها إضافة إلى أن المذبح يتجه نحو القدس، وتتبع للكنيسة مقبرة أثرية للرهبان. وكان المسيحيون الكلدان يزورون الكنيسة سنويا في فترة عيد الميلاد لإحياء قداديس فيها وذلك بعد اكتشافها على يد بعثت التنقيب في فترة السبعينيات.[92] اقتصاد المدينةالزراعةللزراعة في كربلاء أهمية كبير ليس فقط للمدينة بل والعراق عامة حيث تمتلك كربلاء المساحات الشاسعة والمناطق الخضراء الواسعة والنخيل الذي يحيط بمدينة كربلاء لذلك تعد الزراعة ثاني أهم اقتصاد في المدينة بعد السياحة الدينية ومن أشهر المحاصيل الزراعية التي تزرع في كربلاء وفي مقدمتها التمر والحنطة والشعير والقمح والرز بالإضافة إلى زراعة أنواع معينة من الفواكه والخضروات.[93][94] الصناعةبعد أن تراجعت الصناعة قي العراق تأثرت مدينة كربلاء كذلك بسبب الأهمال الحكومي للصناعة والمنتوج الوطني فلم تعد الصناعة في كربلاء كما كانت سابقا ولا يوجد منشأت صناعية كثير في المدينة على الرغم من أهميتها كمدينة مقدسة وحاليا لازالت بعض المصانع موجودة من أهم هذه المصانع هي معمل سمنت كربلاء ومعمل صناعة الطابوق والثرمستون ومعامل صناعة المشروبات الغازية والتعليب وغيرها من المعامل والمصانع كما يوجد فيها عدة شركات صناعية أبرزها.[95][96]
السياحةتعد مدينة كربلاء من أبرز المدن الإسلامية في العراق فهي تمثل حاضرة عمرانية ودينية مهمة نظرا لم تمتلكه من مقومات سياحية مهمة وخصوصا السياحة الدينية المتمثلة بوجود مرقد الإمام الحسين وأخيه الإمام العباس الذين أستشهدو في معركة كربلاء ومراقد التابعين والصالحين وتحولت المدينة مركزا سياحيا مهما في العراق خصوصا في المناسبات الخاصة مثل الزيارة الأربعينية وزيارة عاشوراء.[97] الصحةتتولّى وزارة الصحة العراقية مُهمَّة الإشراف على المُستشفيات الحكوميَّة في مدينة كربلاء ومنطقتها الحضاريَّة، وتأمين الخدمات الطبيَّة للسُكَّان. كذلك هُناك عددٌ من المُستشفيات والمستوصفات الخاصَّة داخل المدينة تؤمّن قسم من العناية الصحيَّة للناس، ومن أبرزها؛
التعليمالجامعاتالتعليم في مدينة كربلاء تعليم مجاني حاله حال بقية مناطق العراق منذ الابتدائية حتى التخرج من الجامعات وتضم المدينة جامعتين رئسييتين هما جامعة أهل البيت وجامعة كربلاء التي تأسست في عام 2002 وتتبع الجامعة عدد من الكليات مختلفة التخصصات.[103] كليات جامعة كربلاء
جامعة أهل البيت هي جامعة عراقية أكاديمية أهلية، معترف بها رسمياً من قبل وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية. تم استحداثها من قبل مؤسسة الصادق في مدينة كربلاء خلال عام 2003م.[104] أشهر المدارس
الرياضةتعتبر كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية في مدينة كربلاء كما هو الحال في باقي مدن العراق، فقد تأسس نادي كربلاء الرياضي في عام 1958م الذي كان يطلق عليه سابقا النادي الأولمبي الرياضي ثم تم تغير تسميته في 1959 إلى نادي كربلاء الرياضي.[107] ملعب كربلاء الدولي هو أكبر ملعب رياضي في منطقة الفرات الأوسط يبلغ مساحته 34 الف متر مربع ويتسع لأكثر من 30 الف متفرج وافتتح الملعب في 12 مايو 2016 بمباراة بين المنتخب الوطني العراقي ونادي كربلاء بحضور 30 الف متفرج بينهم محافظ كربلاء ووزير الشباب والرياضة.[108] معالم المدينة
خصائص المدينةتبلغ مساحة مدينة كربلاء نحو 79 كم مربعا وأرضها رخوة نقية (منقاة من الحصى والدغل) تحيط بها البساتين الكثيفة ويسقيها ماء الفرات، وثمة طريقان يؤديان إلى المدينة، طريق تربطها بالعاصمة بغداد مرورا بمدينة المسيب وطولها 97 كم وطريق آخر تصلها بمدينة النجف وأيا كان السبيل الذي يسلكه المسافر فإنه سيتجه إلى مرقد الإمام الحسين ومثوى قتلى الطف، فلابد له في كلتا الحالتين من المرور بطريق مخضرة تحفها بساتين الفاكهة ومزارع النخيل الكثيفة، وفي عام 2007 زار كربلاء أكثر من 10 ملايين مسلم لزيارة الإمام الحسين. وتقسم المدينة من حيث العمران إلى قسمين يسمى الأول «كربلاء القديمة» وهو الذي أقيم على أنقاض كربلاء القديمة، ويدعى القسم الثاني «كربلاء الجديدة» والبلدة الجديدة واسعة البناء ذات شوارع فسيحة وشيدت فيها المؤسسات والأسواق والمباني العامرة والمدارس الدينية والحكومية الكثيرة، ويصل المدينة الخط الحديدي الممتد بين بغداد والبصرة بفرع منه ينتهي بسدة الهندية طوله 36 كم وتربطها بالعاصمة وبسائر الأطراف طرق مبلطة حديثة.[123] الأعلامخرج من كربلاء عددٌ كبير من العُلماء والأدباء والفنّانين ورجال الدين، ومن أبرزهم:
المدن التوأمةمعرض الصور
وصلات خارجيةالمصادر
|